منكم النُّصْرة، فأجيبوا، وانصروا، خارجين إلى الإعانة. انتهى (١).
وقال النوويّ -رحمه الله-: يريد أن الخير الذي انقطع بانقطاع الهجرة يمكن تحصيله بالجهاد، والنية الصالحة، وإذا أَمركم الإمام بالخروج إلى الجهاد ونحوه، من الأعمال الصالحة فاخرجوا إليه.
(وَقَالَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (يَوْمَ الْفَتْحِ، فَتْحِ مَكَّةَ) قال القاري -رحمه الله-: أعاده تأكيدًا، أو إشارةً إلى وقوع هذا القول وقتًا آخَر من ذلك اليوم، والله تعالى أعلم. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: كونه تأكيدًا هو الأولى، وأما وقوعه في وقت آخر فبعيد، يُبعده وقوعه في رواية للبخاريّ بلفظ:"فإذا استُنفرتم فانفروا، فإن هذا بلد … إلخ" بالفاء، وليس فيه قوله:"وقال يوم فتح مكة"، فقد أخرجه في "الحجّ" من طريق عثمان بن أبي شيبة، عن جرير، بهذا اللفظ، فدلّ على أنه حديث واحد.
قال في "الفتح": الفاء أي: في قوله: "فإن هذا" جواب شرط محذوف، تقديره: إذا علمتم ذلك فاعلموا، أن هذا بلد حرام، وكأن وجه المناسبة أنه لما كان نصب القتال عليه حرامًا كان التنفير يقع منه لا إليه. انتهى.
("إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ) أي: مكة يعني حَرَمها، قال القاري: أو المراد بالبلد أرض الحرم جميعها (حَرَّمَهُ اللهُ) أي: حكم بتحريمه وقضاه، وظاهره أن حكم الله تعالى في مكة أن لا يقاتَل أهلها، ويُؤَمَّن من استجار بها، ولا يتعرض له، وهو أحد أقوال المفسرين في قوله تعالى:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} الآية [آل عمران: ٩٧]، وقوله:{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا} الآية [العنكبوت: ٦٧](يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ) يعني أن تحريمه أمر قديمٌ، وشريعة سالفة مستمرّةٌ.
والمعنى: أن تحريمه من الله تعالى، وليس مما أحدثه الناس، أو اختص بشرعه.
[فإن قلت]: هذا يعارضه ما في حديث جابر - رضي الله عنه - الآتي عند مسلم،