للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنت الغفور الرحيم، ولا يَحْسُن: إنك أنت السميع البصير (١)، فهو راجع إلى المتوسل إليه بأسمائه وصفاته، وهو من أقرب الوسائل، وأحبها إليه.

ومنه الحديث الذي في "المسند"، والترمذيّ: "أَلِظُّوا بيا ذا الجلال والإكرام" (٢).

ومنه: "اللهم إني أسألك بأن لك الحمدَ، لا إله إلا أنت، المنان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام"، فهذا سؤال له، وتوسل إليه بحمده، وأنه الذي لا إله إلا هو المنان، فهو توسل إليه بأسمائه وصفاته، وما أحق ذلك بالإجابة، وأعظمه موقعًا عند المسؤول، وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد، أشرنا إليه إشارةً، وقد فُتِحَ لِمَن بَصّره الله تعالى.

ولنرجع إلى المقصود، وهو وصفه تعالى بالاسم المتضمن لصفات عديدة، فالعظيم من اتَّصَف بصفات كثيرة من صفات الكمال، وكذلك الصمد، قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: هو السيد الذي كَمُلَ في سؤدده (٣)، وقال أبو وائل (٤): هو السيد الذي انتهى سؤدده، وقال عكرمة: الذي ليس فوقه أحد، وكذلك قال الزجاج: الذي ينتهي إليه السؤدد، فقد صَمَدَ له كلُّ شيء، وقال ابن الأنباريّ: لا خلاف بين أهل اللغة أن الصمد السيد الذي ليس فوقه أحد، الذي يَصمُد


(١) هكذا قال ابن القيّم، والمقام مقام نظر، وتأمّل، والله تعالى أعلم.
(٢) حديث صحيح، أجاد في تخريجه الشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى، راجع: "الصحيحة" ٤/ ٤٩ - ٥١ رقم (١٥٣٥).
(٣) ذكر الحافظ ابن كثير في "تفسيره" كلام ابن عباس - رضي الله عنهما - هذا مطوّلًا، فقال: قال علي بن طلحة، عن ابن عباس: هو السيّد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه، هذه صفته، لا تنبغي إلا له، ليس له كفء، وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهّار. انتهى. "تفسير ابن كثير" ١٤/ ٥١٣.
(٤) وقع في النسخة: "ابن وائل"، والظاهر أنه تصحيف، راجع: "تفسير ابن كثير" في "سورة الإخلاص"، والله تعالى أعلم.