إليه الناس في حوائجهم وأمورهم، واشتقاقه يدل على هذا، فإنه من الجمع، والقصد: الذي اجتمع القصد نحوه، واجتمعت فيه صفات السؤدد، وهذا أصله في اللغة، كما قال [من الطويل]:
[السادس]: صفة تَحصُل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالآخر، وذلك قدر زائد على مفرديهما، نحو: الغنيّ الحميد العفو القدير الحميد المجيد، وهكذا عامة الصفات المقترنة، والأسماء المزدوجة في القرآن، فإن الغِنَى صفة كمال، والحمد كذلك، واجتماع الغنى مع الحمد كمال آخر، فله ثناء من غناه، وثناء من حمده، وثناء من اجتماعهما، وكذلك العفو القدير والحميد المجيد والعزيز الحكيم، فتأمله، فإنه من أشرف المعارف.
وأما صفات السلب المحض، فلا تدخل في أوصافه تعالى، إلا أن تكون متضمنة لثبوت، كالأحد المتضمن لانفراده بالربوبية والإلهية، والسلام المتضمن لبراءته من كل نقص يُضَادُّ كماله، وكذلك الإخبار عنه بالسُّلُوب، هو لتضمنها ثبوتًا كقوله تعالى:{لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ}[البقرة: ٢٥٥]، فإنه مُتَضَمِّنٌ لكمال حياته وقيوميته، وكذلك قوله تعالى:{وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق: ٣٨] متضمن لكمال قدرته، وكذلك قوله:{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ}[يونس: ٦١] متضمن لكمال علمه، وكذلك قوله: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣)} [الإخلاص: ٣] متضمن لكمال صمديته وغناه، وكذلك قوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} [الإخلاص: ٤] متضمن لتفرده بكماله، وأنه لا نظير له، وكذلك قوله تعالى:{لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}[الأنعام: ١٠٣] متضمن لعظمته، وأنه جَلّ عن أن يُدْرَك بحيث يحاط به، وهذا مُطَّرِدٌ في كلّ ما وَصَف به نفسه من السُّلُوب، ويجب أن تُعْلَم هنا أمور:
[أحدها]: أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يَدخُل في باب أسمائه وصفاته، كالشيء، والموجود، والقائم بنفسه، فإنه يُخْبَر به عنه، ولا يَدخُل في أسمائه الحسنى، وصفاته العليا.