[الثاني]: أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص، لم تَدخُل بمطلقها في أسمائه، بل يُطلق عليه منها كمالها، وهذا كالمريد، والفاعل، والصانع، فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه، ولهذا غَلِطَ مَن سماه بالصانع عند الإطلاق، بل هو الفعال لما يريد، فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة، ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلًا وخبرًا.
[الثالث]: أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدًا أن يُشْتَقَّ له منه اسم مطلق، كما غَلِطَ فيه بعض المتأخرين، فجعل من أسمائه الحسنى المضلّ الفاتن الماكر، تعالى الله عن قوله، فإن هذه الأسماء لم يُطلَق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخضوصة معينةٌ، فلا يجوز أن يُسَمَّى بأسمائها.
[الرابع]: أن أسماءه عز وجل الحسنى هي أعلام وأوصاف، والوصف بها لا ينافي العَلمية، بخلاف أوصاف العباد، فإنها تنافي علميتهم؛ لأن أوصافهم مُشترَكَةٌ، فنافتها العلمية المختصة، بخلاف أوصافه تعالى.
[الخامس]: أن الاسم من أسمائه له دلالاتٌ: دلالة على الذات والصفة بالمطابقة، ودلالة على أحدهما بالتضمن، ودلالة على الصفة الأخرى باللزوم.
[السادس]: أن أسماءه الحسنى لها اعتباران: اعتبارٌ من حيث الذات، واعتبار من حيث الصفات، فهي بالاعتبار الأول: مترادفة، وبالاعتبار الثاني: متباينة.
[السابع]: أن ما يُطلَق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفيّ، وما يُطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيًّا، كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه.
فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه، هل هي توقيفية، أو يجوز أن يُطْلَق عليه منها بعض ما لم يَرِد به السمع؟.
[الثامن]: أن الاسم إذا أُطلق عليه جاز أن يُشتَقَّ منه المصدرُ والفعلُ، فَيُخْبَر به عنه فعلًا ومصدرًا، نحو السميع البصير القدير، يُطلَق عليه منه السمع والبصر والقدرة، ويُخْبَر عنه بالأفعال من ذلك، نحو {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ}[المجادلة: ١]، و {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ (٢٣)} [المرسلات: ٢٣]، هذا إن كان الفعل متعديًا، فإن كان لازمًا لم يُخبَر عنه به، نحو الحيّ، بل يُطلَق عليه الاسم والمصدر دون الفعل، فلا يقال: حَيِيَ.