للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأجاب المانعون عن الكل بأنه يجوز أن يقارنها نصوص، أو تقدم عليها بأن يوحى إليه؛ أنه إذا كان كذا فافعل كذا، مثل أن لا يستثني "إلَّا الإذخر" حين سأل العباس، أو كان جبريل؛ حاضرًا، فأشار عليه به، وحينئذ يكون بالوحي، لا بالاجتهاد.

قال المهلَّب: يجوز أن الله تعالى أعلم رسوله - صلى الله عليه وسلم - بتحليل المحرمات عند الاضطرار، فكان هذا من ذلك الأصل، فلما سأل العباس حكم فيه.

وقال بعضهم في قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}: إنه مخصوص بالحرب، وفيه نظر لا يخفى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الخلاف في اجتهاد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد تقدّم تحقيقه، وأن جوازه ووقوعه هو الحقّ؛ لوضوح أدلته، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٧ - (ومنها): بيان أن وليّ القتيل بالخيار بين أخذ الدية، وبين القتل، وليس له إجبار الجاني على أيّ الأمرين شاء، وبه قال الشافعيّ وأحمد، وقال مالك في المشهور عنه: ليس إلَّا القتل، أو العفو، وليس له الدية إلَّا برضى الجاني، وبه قال الكوفيون.

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الأولون هو الأرجح؛ لظاهر هذا الحديث، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

٨ - (ومنها): أن فيه دليلًا على أن القاتل عمدًا يجب عليه أحد الأمرين: القصاص، أو الدية، وهو أحد قولي الشافعيّ، وأصحهما عنده أن الواجب القصاص، والدية بدل عند سقوطه، وهو مشهور مذهب مالك، وعلى القولين للولي العفو عن الدية، ولا يحتاج إلى رضى الجاني، ولو مات، أو سقط الطرف المستحَقّ وجبت الدية، وبه قال أحمد، وعن أبي حنيفة ومالك: إنه لا يُعْدَل إلى المال إلا برضى الجاني، وإنه لو مات الجاني سقطت الدية، وهو قول قديم للشافعي، ورجّحه الشيخ تقي الدين في "شرحه" (٢).


(١) راجع: "عمدة القاري" ٢/ ١٦٧ - ١٦٨.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٢/ ١٦٨.