وعبارة الحافظ في "الفتح": وأطال ابن مسدي في هذه القصّة، وأنشد فيها شعرًا، وحاصلها أنهم اتهموا ابن العربيّ في ذلك، ونسبوه إلى المجازفة، ثم شرع ابن مسدي يقدح في أصل القصّة، ولم يُصِب في ذلك، فراوي القصّة عدل متقن، والذين اتهموا ابن العربيّ في ذلك هم الذين أخطئوا؛ لقلّة اطلاعهم، وكأنه بَخِل عليهم بإخراج ذلك؛ لما ظهر له من إنكارهم، وتعنّتهم.
وقد تتبّعت طرقه حتى وقفت على أكثر من العدد الذي ذكره ابن العربيّ -ولله الحمد- فوجدته من رواية اثني عشر نفسًا، غير الأربعة التي ذكرها الحافظ العراقيّ، وهم: عُقيلٌ في "معجم ابن جُميع"، ويونس بن يزيد في "الإرشاد" للخليليّ، وابن أبي حفص في "الرواة عن مالك" للخطيب، وابن عيينة في "مسند أبي يعلى"، وأسامة بن زيد في "تاريخ نيسابور"، وابن أبي ذئب في "الحلية"، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي الموالي في "أفراد الدارقطنيّ"، وعبد الرحمن، ومحمد ابنا عبد العزيز الأنصاريان في "فوائد عبد الله بن إسحاق الخراسانيّ"، وابن إسحاق في "مسند مالك" لابن عديّ، وبحر السقاء، ذكره جعفر الأندلسيّ في تخريجه للجيزي -بالجيم، والزاي-، وصالح بن أبي الأخضر، ذكره أبو ذرّ الهرويّ عقب حديث يحيى بن قَزَعَة، عن مالك، المخرّج عند البخاريّ في "المغازي".
فتبيّن بذلك أن إطلاق ابن الصلاح متعقّبٌ، وأن قول ابن العربيّ صحيح، وأن كلام من اتهمه مردود، ولكن ليس في طرقه شيء على شرط الصحيح إلا طريق مالك، وأقربها رواية ابن أخي الزهريّ، فقد أخرجها النسائيّ في "مسند مالك"، وأبو عوانة في "صحيحه"، وتليها رواية أبي أويس، أخرجها أبو عوانة أيضًا، وقالوا: إنه كان رفيق مالك في السماع عن الزهريّ، فيُحْمَل قول من قال: انفرد به مالك؛ أي: بشرط الصحّة، وقول من قال: توبع؛ أي: في الجملة.
وعبارة الترمذيّ سالمة من الاعتراض، فإنه قال -بعد تخريجه-: حسن