للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صحيح غريب، لا يُعرف كثير أحد رواه غير مالك، عن الزهريّ، فقوله: "كثير" يشير إلى أنه توبع في الجملة. انتهى كلام الحافظ -رحمه الله- (١)، وهو بحث ممتع جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في فوائده:

١ - (منها): بيان جواز دخول مكة بغير إحرام، وذلك لمن لم يُرِد الحجّ، أو العمرة، وفي ذلك خلاف، سيأتي تحقيقه في المسألة السادسة -إن شاء الله تعالى-.

٢ - (ومنها): أنه استُدلّ به على أنه - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة عَنْوةً.

وأجاب النوويّ بأنه - صلى الله عليه وسلم - كان صالَحهم، لكن لمّا لم يَأْمَن غدرهم دخل متأهبًا.

قال الحافظ: وهذا جواب قويّ، إلا أن الشأن في ثبوت كونه صالحهم، فإنه لا يُعْرَف في شيء من الأخبار صريحًا.

قال الجامع عفا الله عنه: الأرجح أن مكة فُتحت عنوة، كما أسلفت تحقيق ذلك قريبًا، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

٣ - (ومنها): أنه استُدِلّ بقصّه ابن خطل على جواز إقامة الحدود والقصاص في حرم مكة.

قال ابن عبد البرّ -رحمه الله-: كان قتل ابن خطل قَوَدًا من قتله المسلم، وقال السهيليّ: فيه أن الكعبة لا تعيذ عاصيًا، ولا تمنع من إقامة حدّ واجب، وقال النوويّ: تأوّل من قال: لا يُقتل فيها على أنه - صلى الله عليه وسلم - قتله في الساعة التي أبيحت له، وأجاب عنه الشافعية بأنها إنما أُبيحت له ساعة الدخول حتى استولى عليها، وأذعن أهلها، وإنما قتل ابن خطل بعد ذلك. انتهى.

وتُعُقّب بأن المراد بالساعة التي أحلّت له ما بين أول النهار، ودخول وقت العصر، وقَتْل ابن خطل كان قبل ذلك قطعًا؛ لأنه قيّد في الحديث بأنه كان عند نزعه - صلى الله عليه وسلم - المغفر، وذلك عند استقراره بمكة.

وقد قال ابن خزيمة -رحمه الله-: المراد بقوله في حديث ابن عباس: "ما


(١) "الفتح" ٥/ ١٣٩ - ١٤٠.