للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يدخل في أفعاله، فالشرّ ليس إليه، لا يضاف إليه فعلًا ولا وصفًا، وإنما يدخل في مفعولاته.

وفَرْقٌ بين الفعل والمفعول، فالشر قائم بمفعوله المباين له، لا بفعله الذي هو فعله.

فتأمل هذا، فإنه خَفِيَ على كثير من المتكلمين، وزَلَّت فيه أقدامٌ، وضَلَّت فيه أفهام، وهَدَى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه بإذنه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

[الثاني عشر]: في بيان مراتب إحصاء أسمائه التي من أحصاها دخل الجنة، وهذا هو قطب السعادة، ومدار النجاة والفلاح:

المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها.

المرتبة الثانية: فهم معانيها ومدلولها.

المرتبة الثالثة: دعاؤه بها، كما قال تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف: ١٨٠]، وهو مرتبتان:

إحداهما: دعاءُ ثناءٍ وعبادةٍ.

والثاني: دعاءُ طلب ومسألة، فلا يثنى عليه إلا بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، وكذلك لا يُسأل إلا بها، فلا يقال: يا موجود، أو يا شيء، أو يا ذات اغفر لي، وارحمني، بل يسأل في كل مطلوب باسم يكون مقتضيًا لذلك المطلوب، فيكون السائل متوسلًا إليه بذلك الاسم.

ومن تأمل أدعية الرسل عليهم السلام، ولا سيما خاتمهم - صلى الله عليه وسلم - وإمامهم، وَجَدَها مطابقة لهذا، وهذه العبارة أولى من عبارة مَن قال: تَخَلَّقُوا بأسماء الله، فإنها ليست بعبارة سديدة، وهي مُنتزَعة من قول الفلاسفة بالتشبه بالإله على قدر الطاقة.

وأحسن منها عبارة أبي الحكم بن برهان، وهي التعبد، وأحسن منها العبارة المطابقة للقرآن، وهي الدعاء المتضمن للتعبد والسؤال.

فمراتبها أربعٌ، أشدها إنكارًا عبارة الفلاسفة، وهي التشبه، وأحسن منها عبارة مَن قال: التخلق، وأحسن منها عبارة مَن قال: التعبد، وأحسن من الجميع الدعاء، وهي لفظ القرآن.