للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[السادس عشر]: أن الأسماء الحسنى لا تدخل تحت حصر، ولا تُحَدَّ بعدد، فإن لله تعالى أسماءً وصفاتٍ استأثر بها في علم الغيب عنده، لا يعلمها ملك مقرب، ولا نبي مرسل، كما في الحديث الصحيح: "أسألك بكل اسم هو لك، سمّيت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك" (١)، فجعل أسماءه ثلاثة أقسام:

قسمٌ سَمَّى به نفسه، فأظهره لمن شاء من ملائكته أو غيرهم، ولم يُنْزِل به كتابَهُ، وقسم أَنْزَل به كتابه، فتعَرَّفَ به إلى عباده، وقسم استأثر به في علم غيبه، فلم يَطَّلع عليه أحد من خلقه، ولهذا قال: "استأثرت به": أي انفَرَدت بعلمه، وليس المراد انفراده بالتسمي به؛ لأن هذا الإنفراد ثابت في الأسماء التي أنزل الله بها كتابه.

ومن هذا قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في حديث الشفاعة: "فيَفْتَح عليّ من محامده بما لا أُحسنه الآن" (٢)، وتلك المحامد تفي بأسمائه وصفاته.

ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا أُحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" (٣).


(١) هو ما أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في "مسنده"، فقال:
(٣٥٢٨) حدثنا يزيد، أنبأنا فضيل بن مرزوق، حدثنا أبو سلمة الجهنيّ، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أصاب أحدًا قط همّ، ولا حزنٌ، فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك، وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عدلٌ فيّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سَمَّيت به نفسك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجَلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله هيه وحزنه، وأبدله مكانه فرجًا"، قال: فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلمها؟ فقال: "بلى ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها".
وقوله: "فرجًا" بالجيم، وفي رواية "فرحًا" بالحاء المهملة.
وهو حديث صحيح، على الراجح، وقد أشبع الكلام فيه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على "المسند" (٥/ ٢٦٧)، والشيخ الألبانيّ في "الصحيحة" (١/ ٣٣٦ - ٣٤١) رقم (١٩٩)، فراجعه تستفد.
(٢) متّفق عليه.
(٣) رواه مسلم وأبو داود.