وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله تسعةً وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة"(١)،
فالكلام جملة واحدةٌ، وقوله:"من أحصاها دخل الجنة" صفة، لا خبر مستقبل، والمعنى: له أسماء متعددة، مِن شأنها أن من أحصاها دخل الجنة، وهذا لا ينفي أن يكون له أسماء غيرها، وهذا كما تقول: لفلان مائة مملوك، وقد أعَدَّهم للجهاد، فلا ينفي هذا أن يكون له مماليك سواهم مُعَدُّون لغير الجهاد، وهذا لا خلاف بين العلماء فيه.
[السابع عشر]: أن أسماءه تعالى منها: ما يُطلَق عليه مفردًا ومقترنًا بغيره، وهو غالب الأسماء، فالقدير والسميع والبصير والعزيز والحكيم، وهذا يسوغ أن يُدْعَى به مفردًا ومقترنًا بغيره، فتقول: يا عزيز يا حليم يا غفور يا رحيم، وأن يُفْرَد كلُّ اسم، وكذلك في الثناء عليه، والخبر عنه بما يسوغ لك الإفراد والجمع.
ومنها: ما لا يُطلَق عليه بمفرده، بل مقرونًا بمقابله، كالمانع والضار والمنتقم، فلا يجوز أن يُفرَد هذا عن مقابله، فإنه مقرون بالمعطي والنافع والعفوّ، فهو المعطي المانع الضار النافع المنتقم العفوّ المعز المذل؛ لأن الكمال في اقتران كلّ اسم من هذه بما يقابله؛ لأنه يراد به أنه المنفرد بالربوبية، وتدبير الخلق، والتصرف فيهم عطاءً ومنعًا ونفعًا وضرًّا وعفوًا وانتقامًا، وأما أن يُثنَى عليه بمجرد المنع والإنتقام والإضرار فلا يسوغ، فهذه الأسماء المزدوجة تجري الأسماء منها مَجرَى الاسم الواحد الذي يمتنع فصل بعض حروفه عن بعض، فهي وإن تعددت جارية مجرى الاسم الواحد، ولذلك لم تجئ مفردة، ولم تُطلَق عليه إلا مقترنة، فاعلمه.
فلو قلت: يا مُذِلّ يا ضار يا مانع، وأخبرت بذلك لم تكن مثنيًا عليه، ولا حامدًا له حتى تذكر مقابلها.
[الثامن عشر]: أن الصفات ثلاثة أنواع: صفات كمال، وصفات نقص، وصفات لا تقتضي كمالًا ولا نقصًا، وإن كانت القسمة التقديرية تقتضي قسمًا رابعًا، وهو ما يكون كمالًا ونقصًا باعتبارين، والرب تعالى مُنَزَّه عن الأقسام