الثلاثة، وموصوف بالقسم الأول، وصفاته كلها صفات كمال محض، فهو موصوف من الصفات بأكملها، وله من الكمال أكمله، وهكذا أسماؤه الدالة على صفاته، هي أحسن الأسماء وأكملها، فليس في الأسماء أحسن منها، ولا يقوم غيرها مقامها، ولا يؤدي معناها، وتفسير الاسم منها بغيره ليس تفسيرًا بمرادف محض، بل هو على سبيل التقريب والتفهيم.
وإذا عرفت هذا، فله من كل صفة كمال أحسن اسم وأكمله وأتمه معنى، وأبعده وأنزهه عن شائبة عيب أو نقص، فله من صفة الإدراكات: العليمُ الخبيرُ، دون العاقل الفقيه، والسميع البصير، دون السامع والباصر والناظر، ومن صفات الإحسان: البرُّ الرحيم الودود، دون الرفيق والشفوق ونحوهما، وكذلك العليُّ العظيمُ، دون الرفيع الشريف، وكذلك الكريمُ، دون السخيّ، والخالق البارئ المصور، دون الفاعل الصانع المشكّل، والغفور العفوّ، دون الصَّفُوح الساتر، وكذلك سائر أسمائه تعالى يَجرِي على نفسه منها أكملُهما وأحسنُها، وما لا يقوم غيره مقامه، فتأمّل ذلك، فأسماؤه أحسن الأسماء، كما أن صفاته أكمل الصفات، فلا تَعْدِل عما سَمَّى به نفسه إلى غيره، كما لا تَتَجَاوز ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلى ما وصفه به المبطلون والمعطلون.
[التاسع عشر]: أن من أسمائه الحسنى ما يكون دالًّا على عِدّة صفات، ويكون ذلك الاسم متناولًا لجميعها تناولَ الاسم الدالّ على الصفة الواحدة لها، كما تقدم بيانه، كاسمه العظيم والمجيد والصمد، كما قال ابن عباس فيما رواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره: الصمد السيد الذي قد كَمُل في سؤدده، والشريف الذي قد كَمُل في شرفه، والعظيم الذي قد كَمُل في عظمته، والحليم الذي قد كَمُل في حلمه، والعليم الذي قد كَمُل في علمه، والحكيم الذي قد كَمُل في حكمته، وهو الذي قد كَمُل في أنواع شرفه وسؤدده، وهو الله سبحانه، هذه صفته لا تنبغي إلا له، ليس له كفوًا أحد، وليس كمثله شيء، سبحان الله الواحد القهار، هذا لفظه (١).
(١) أخرجه ابن جرير في "تفسيره" ٢٤/ ٦٩٢، وأبو الشيخ في "العظمة" (٩٨)، والبيهقيّ =