رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -"، وقال الثاني: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، فعنده لا فرق بين اللفظين من حيث الإتّصال والانقطاع، فكلاهما للإتّصال، وإنما هو من باب الاحتياط في أداء ما تحمّله، وبيان الواقع من ألفاظ الشيوخ في رواياتهم، فهو كمثل قوله في مواضع أخرى: حدّثنا فلان وفلان، فقال فلان: حدثنا، وقال فلان: أخبرنا، وتارة يقول: حدّثنا فلان وفلان، فقال فلان: حدثنا، وقال فلان: حدّثني، فلا شكّ أن هذا وأمثاله لا يختلف الحكم فيه بالاتّصال والانقطاع، وإنما هو لمجرّد بيان الإختلاف في صيغ الأداء.
والحاصل أن صنيع الإمام مسلم رحمه الله تعالى هذا ليس لبيان اختلاف الحكم من حيث الإتصال والانقطاع، وإنما هو من باب الاحتياط والتدقيق في أداء ما سمعه على الوجه الذي سمعه، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ عَبْدِ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه - (قَالَ وَكِيعٌ) في روايته (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي قال عبد الله - رضي الله عنه -: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، فعبّر بلفظ "قال" (وقَالَ) عبد الله (بْنُ نُمَيْرٍ) في روايته قال عبد الله - رضي الله عنه -: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ) أي فعبّر بلفظ "سمعتُ" ("مَنْ مَاتَ) "من" شرطيّة، أو موصولة مبتدأ، جوابها، أو خبرها جملة "دَخَل"، وقوله:(يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا) جملة في محلّ نصب على الحال (دَخَلَ النَّارَ") قال النوويّ رحمه الله تعالى: هكذا وقع في أصولنا من "صحيح مسلم"، وكذا هو في "صحيح البخاريّ"، وكذا ذكره القاضي عياض رحمه الله تعالى في روايته لـ "صحيح مسلم"، ووُجِد في بعض الأصول المعتمدة من "صحيح مسلم" عكس هذا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة"، قلت أنا: "ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار"، وهكذا ذكره الحميديّ في "الجمع بين الصحيحين"، عن "صحيح مسلم" رحمه الله تعالى، وهكذا رواه أبو عوانة في كتابه "المخرج على صحيح مسلم"، وقد صَحّ اللفظان من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث جابر المذكور بعد هذا.
فأما اقتصار ابن مسعود - رضي الله عنه - على رفع إحدى اللفظتين، وضمه الأخرى إليها من كلام نفسه، فقال القاضي عياض وغيره: سببه أنه لم يَسْمَع من