للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلا إحداهما، وضَمَّ إليها الأُخرى؛ لِمَا عَلِمَه من كتاب الله تعالى، ووحيه، أو أخذه من مقتضى ما سَمِعه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وهذا الذي قاله هؤلاء فيه نقص من حيث إنّ اللفظتين قد صَحَّ رفعهما من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - كما ذكرناه، فالجيِّد أن يقال: سمع ابن مسعود - رضي الله عنه - اللفظتين من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه في وقت حَفِظَ إحداهما، وتيقنها عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَحْفَظ الأخرى، فرفع المحفوظة، وضمّ الأخرى إليها، وفي وقت آخر حَفِظ الأخرى، ولم يحفظ الأولى مرفوعةً، فرفع المحفوظة، وضمّ الأخرى إليها، فهذا جمعٌ ظاهرٌ بين روايتي ابن مسعود - رضي الله عنه -، وفيه موافقة لرواية غيره في رفع اللفظتين، والله تعالى أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله تعالى.

وقد ذكر الحافظ رحمه الله تعالى في "الفتح" هذا الجمع الذي ذكره النوويّ، ودونك عبارته:

قال: قوله: "من مات يُشرك بالله … إلخ" في رواية أبي حمزة، عن الأعمش - أي عند البخاريّ - في "تفسير البقرة": "من مات، وهو يدعو من دون الله نِدًّا"، وفي أوله: "قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كلمة، وقلت أنا أخرى".

ولم تختلف الروايات في "الصحيحين" في أن المرفوع الوعيد، والموقوف الوعد، وزعم الحميديّ في "الجمع"، وتبِعَه مغلطاي في "شرحه"، ومن أخذ عنه: أن في رواية مسلم من طريق وكيع وابن نمير بالعكس، بلفظ: "من مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة، وقلت أنا: من مات يُشرك بالله شيئًا دخل النار".

وكأن سبب الوهم في ذلك ما وقع عند أبي عوانة، والإسماعيليّ من طريق وكيع بالعكس، لكن بَيَّن الإسماعيليّ أن المحفوظ عن وكيع كما في البخاريّ، قال: وإنما المحفوظ أن الذي قلبه أبو معاوية (١) وحده، وبذلك جزم ابن خزيمة في "صحيحه"، والصواب رواية الجماعة، وكذلك أخرجه أحمد من طريق عاصم، وابن خزيمة من طريق يسار (٢)، وابن حبان من طريق المغيرة


(١) في "نسخة": "أبو عوانة"، والإصلاح من "مسند أبي عوانة" ١/ ٢٧.
(٢) الظاهر أن الصواب "سيّار"، والله تعالى أعلم.