سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا".
قال ابن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اختُلِف على ابن الزبير في رفعه ووقفه، ومَن رفعه أحفظ وأثبت من جهة النقل، وهو أيضًا صحيح في النظر؛ لأن مثله لا يُدرك بالرأي، مع شهادة أئمة الحديث للذي رفعه بالحفظ والثقة، وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: حديث حسن، وقال الحافظ العراقي في "شرح الترمذيّ": رجاله رجال الصحيح.
وروى ابن ماجه من حديث جابر -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه"، وفي بعض النسخ: "من مائة صلاة فيما سواه"، فعلى الأول معناه: فيما سواه إلا مسجد المدينة، وعلى الثاني: معناه: من مائة صلاة في مسجد المدينة، ورجال إسناده ثقات، لكنه من رواية عطاء في ذلك عنه.
قال ابن عبد البر: جائز أن يكون عند عطاء في ذلك عنهما، وعلى ذلك يحمله أهل العلم بالحديث، ويؤيده أن عطاء إمام واسع الرواية، معروف بالرواية عن جابر وابن الزبير.
وروى البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء رفعه: "الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة". قال البزار: إسناده حسن.
وفي "سنن ابن ماجه" حديث آخر يقتضي تفضيل الصلاة في مسجد مكة، إلا أنه مخالف لما تقدم في قدر الثواب، رواه عن أنس مرفوعًا، وفيه: "وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة، وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة، وصلاته في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة"، قال العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه أبو الخطاب الدمشقيّ يحتاج إلى الكشف عنه.
وذهب آخرون إلى أن معنى الاستثناء: إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة في مسجدي أفضل من الصلاة فيه بدون ألف صلاة، ذكر ابن عبد البر أن يحيى بن يحيى سأل عبد اللَّه بن نافع عن معنى هذا الحديث، فذكر هذا، ثم