الزبير بن بكار أن جبريل عليه السلام أخذ التراب الذي خُلِق منه النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- من تراب الكعبة، فعلى هذا؛ فالبقعة التي ضمت أعضاءه من تراب الكعبة، فيرجع الفضل المذكور إلى مكة، إن صح ذلك، واللَّه تعالى أعلم. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: مثل هذه الأمور تحتاج إلى دليل صحيح، وهذه الأخبار التي أوردها هنا لم يثبت لدينا صحّتها، فلا يُعتمد عليها فتبصّر، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): قال الحافظ وليّ الدين العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- نقلًا عن والده في "شرح الترمذيّ" ما نصه: في حديث عبد اللَّه بن الزبير، وجابر، وابن عمر، وأبي الدرداء، وأنس -رضي اللَّه عنهم- مرفوعًا:"إن الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة"، وفي حديث عمر -رضي اللَّه عنه- موقوفًا عليه:"إن الصلاة فيه خير من مائة صلاة"، وهكذا رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- مرفوعًا، وفي بعض طرق أثر عمر:"إن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من ألف صلاة بمسجد المدينة"، وفي حديث الأرقم:"إن الصلاة بمكة أفضل من ألف صلاة ببيت المقدس" رواه أحمد وغيره.
قال: والجمع بين هذا وبين ما تقدم؛ أن يُحْمَل أثر عمر باللفظ الأول، وحديث عائشة على تقدير صحتهما على أن المراد خير من مائة صلاة في مسجد المدينة، فيكون موافقًا لحديث ابن الزبير، ومن معه، وحديث الأرقم، وأثر عمر باللفظ الثاني يقتضي أن تكون الصلاة في المسجد الحرام بألف ألف صلاة، وإذا تعذّر الجمع، فيرجع إلى الترجيح، وأصح هذه الأحاديث حديث ابن الزبير، وجابر، وابن عمر، وأبي الدرداء، فإن أسانيدها صحيحة.
قال: وأما الاختلاف في مسجد المدينة، فأكثر الأحاديث الصحيحة:"إن الصلاة فيه خير من ألف صلاة"، وفي حديث أبي الدرداء:"إنها بألف صلاة" من غير تفضيل على الألف، وفي حديث أنس عند ابن ماجه:"إن الصلاة فيه بخمسين ألف صلاة"، وفي حديث أبي ذر عند الطبراني في "الأوسط": "إن الصلاة فيه أفضل من أربع صلوات ببيت المقدس".
(١) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٦/ ٥٠ - ٥١ بزيادة من "الفتح" ٣/ ٨١ - ٨٢.