متعة النساء، فخرجت أنا ورجل من قومي، فذكر قصة المرأة إلى أن قال: ثم استمتعت منها، فلم أخرج حتى حَرَّمها، وفي لفظ له: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائمًا بين الركن والباب، وهو يقول بمثل حديث ابن نُمير، وكان تقدم في حديث ابن نمير أنه قال:"يا أيها الناس إني قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة"، وفي رواية: أَمَرَنا بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة، ثم لم نخرج حتى نهانا عنها، وفي رواية له: أمر أصحابه بالتمتع من النساء، فذكر القصة، قال: فكُنّ معنا ثلاثًا، ثم أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفراقهنّ، وفي لفظ: فقال: "إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة".
فأما أوطاس، فلفظ مسلم: رَخَّص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام أوطاس في المتعة ثلاثًا، ثم نَهَى عنها، وظاهر الحديثين المغايرة، لكن يَحْتَمِل أن يكون أطلق على عام الفتح عام أوطاس لتقاربهما، ولو وقع في سياقه أنهم تمتعوا من النساء في غزوة أوطاس، لَمَا حَسُنَ هذا الجمع، نعم ويبعد أن يقع الإذن في غزوة أوطاس بعد أن يقع التصريح قبلها في غزوة الفتح بأنها حُرِّمت إلى يوم القيامة.
وإذا تقرر ذلك فلا يصح من الروايات شيء بغير علّة إلا غزوة الفتح، وأما غزوة خيبر، وإن كانت طرق الحديث فيها صحيحة، ففيها من كلام أهل العلم ما تقدَّم، وأما عمرة القضاء، فلا يصح الأثر فيها؛ لكونه من مرسل الحسن، ومراسيله ضعيفة؛ لأنه كان يأخذ عن كلِّ أحدٍ، وعلى تقدير ثبوته، فلعله أراد أيام خيبر؛ لأنهما كانا في سنة واحدة، كما في الفتح وأوطاس سواءً.
وأما قصة تبوك، فليس في حديث أبي هريرة التصريح بأنهم استمتعوا منهنّ في تلك الحالة، فَيَحْتَمِل أن يكون ذلك وقع قديمًا، ثم وقع التوديع منهنّ حينئذ، والنهيُ، أو كان النهي وقع قديمًا فلم يبلغ بعضهم، فاستمرّ على الرخصة، فلذلك قَرَن النهي بالغضب؛ لتقدُّم النهي في ذلك، على أن في حديث أبي هريرة مقالًا، فإنه من رواية مؤمل بن إسماعيل، عن عكرمة بن عمار، وفي كلٍّ منهما مقال.