للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أخبرني من شئتُ عن أبي سعيد، قال: لقد كان أحدنا يستمتع بملء القدح سَويقًا. وهذا - مع كونه ضعيفًا؛ للجهل بأحد رواته - ليس فيه التصريح بأنه كان بعد النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.

وأما ابن عبّاس: فتقدّم النقل عنه، والاختلاف هل رجع، أو لا؟

وأما سلمة، ومعبد: فقصّتهما واحدةٌ، اختُلف فيها، هل وقعت لهذا، أو لهذا؟ فروى عبد الرزّاق بسند صحيح، عن عمرو بن دينار، عن طاوسٍ، عن ابن عبّاس، قال: "لم يَرُعْ عمر إلا أمّ أراكة، قد خرجت حُبلى، فسألها عمر، فقالت: استمتع بي سلمة بن أميّة"، وأخرج من طريق أبي الزبير، عن طاوس، فسمّاه معبد بن أُميّة.

وأما جابرٌ: فمستنده قوله: "فعلناها"، وقد تقدّم بيانه، ووقع في رواية أبي نضرة، عن جابر عند مسلم: "فنهانا عمر، فلم نفعله بعدُ"، فإن كان قوله: "فعلنا" يعمّ جميع الصحابة، فقوله: "ثم لم نعُد" يعمّ جميع الصحابة، فيكون إجماعًا، وقد ظهر أن مستنده الأحاديث الصحيحة التي بيّنّاها.

وأما عمرو بن حُريث (١)، وكذا قوله: "رواه جابرٌ عن جميع الصحابة"، فعجيبٌ، وإنما قال جابر: "فعلناها"، وذلك لا يقتضي تعميم جميع الصحابة، بل يصدُقُ على فعل نفسه وحده.

وأما ما ذكره عن التابعين، فهو عند عبد الرزّاق، عنهم بأسانيد صحيحة. وقد ثبت عن جابر عند مسلم: "فعلناها، مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم نهانا عمر، فلم نَعُد لها"، فهذا يردّ عدّه جابرًا فيمن ثبت على تحليلها. وقد اعترف ابن حزم مع ذلك بتحريمها؛ لثبوت قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها حرامٌ إلى يوم القيامة"، قال: فأَمِنّا بهذا القولِ نسخَ التحريم. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله - (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: كلام الحافظ - رحمه الله - هذا تحريرٌ نفيسٌ جدًّا.

وخلاصة القول في مسألة نكاح المتعة أخذًا مما سبق من الأحاديث، وأقوال الأئمة من السلف، والخلف أنه نكاحٌ باطلٌ، ولا يوجد الآن من يقول


(١) هكذا نُسخ "الفتح"، والظاهر أن فيه سقطًا، فليُحرّر، والله تعالى أعلم.
(٢) "الفتح" ١١/ ٤٢٧ - ٤٢٩.