للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ) قال النوويّ - رحمه الله -: هكذا هو في جميع النسخ: "ولا يسوم" بالواو، وهكذا "يخطبُ" مرفوعٌ، وكلاهما لفظه لفظ الخبر، والمراد به النهي، وهو أبلغ في النهي؛ لأن خبر الشارع لا يُتصور وقوع خلافة، والنهي قد تقع مخالفته، فكأن المعنى: عاملوا هذا النهي معاملة الخبر المتحتِّم. انتهى (١).

و"السّوْمُ": مصدر سام يسوم، من باب قال، يقال: سام البائع السِّلْعَة سَوْمًا: إذا عَرَضَها للبيع، وسامها المشتري، واستامها: إذا طلب بيعها، ومنه: "لا يسوم أحدكم على سوم أخيه": أي لا يشتري، ويجوز حمله على البائع أيضًا، وصورته أن يَعْرِضَ رجل على المشتري سلعته بثمن، فيقول آخر: عندي مثلها بأقل من هذا الثمن، فيكون النهي عامًّا في البائع والمشتري، وقد تزاد الباء في المفعول، فيقال: سُمْتُ به، والتساوم بين اثنين: أن يَعْرِض البائع السلعة بثمن، ويطلبها صاحبه بثمن دون الأول، وساومته سِوَامًا، وتساومنا، واستام عليَّ السِّلعةَ؛ أي: استام على سَوْمِي، قاله الفيّوميّ - رحمه الله - (٢).

(وَلَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ) ببناء الفعل للمفعول (عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا) تقدّم شرح هذه الجملة في الأحاديث الماضية (وَلَا تَسْأَلُ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا) بالجزم، والرفع، على التوجيه السابق، وقال في "الطرح": قال النوويّ: يجوز في "تسأل" الرفع، والكسر، الأول على الخبر الذي يراد به النهي، وهو المناسب لقوله - صلى الله عليه وسلم - قبله: "ولا يخطبُ، ولا يسوم"، والثاني على النهي الحقيقي. انتهى.

قال وليّ الدين: ولا يخفى أن الكسر في اللام عارض لالتقاء الساكنين، والفعل مجزوم، وذكر العراقيّ في "شرح الترمذيّ" أنه روي بالوجهين، وهو قدر زائد على تجويز النوويّ الوجهين. انتهى (٣).

قيل: هو نهي للمخطوبة عن أن تسأل الخاطب طلاق المرأة التي في نكاحه، وللمرأة من أن تسأل طلاق الضرّة أيضًا، والمراد بالأخت الأخت في


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٩٢.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٩٧.
(٣) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٧/ ٣٥.