للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في "كتاب النكاح"، وياتي مثله هنا، ويجيء على رأي ابن القاسم أن يُستثنى ما إذا كان المسؤول طلاقها فاسقةً، وعند الجمهور لا فرق، قاله في "الفتح".

(وَلْتَنْكِحْ) - بكسر اللام، وبإسكانها، والجزم على الأمر، ويَحْتَمِل النصب عطفًا على قوله: "لتكتفئ"، فيكون تعليلًا لسؤال طلاقها، ويتعيّن على هذا كسر اللام، ثم يَحْتَمِل أن يكون المراد: "ولتنكح" ذلك الرجل من غير أن تتعرّض لإخراج الضرّة من عصمته، بل تَكِلُ الأمر في ذلك إلى ما يُقدّره الله، ولهذا ختم بقوله: "فَإِنَّمَا لَهَا مَا كَتَبَ اللهُ لَهَا" إشارةً إلى أنها، وإن سألت ذلك، وألحّت فيه، واشترطته، فإنه لا يقع من ذلك إلا ما قدّره الله، فينبغي أن لا تتعرّض هي لهذا المحذور الذي لا يقع منه شيء بمجرّد إرادتها، وهذا مما يؤيّد أن الأخت من النسب، أو الرضاع لا تدخل في هذا.

ويَحْتَمِل أن يكون المراد: "ولتنكح" غيره، وتُعرِضْ عن هذا الرجل، أو المراد ما يَشمل الأمرين.

والمعنى: "ولتنكح" من تيسّر لها، فإن كانت التي قبلها أجنبيّةً، فلتنكح الرجل المذكور، وإن كانت أختها، فلتنكح غيره، قاله في "الفتح" (١).

وقال في "الطرح": قوله: "ولْتَنكِحْ" أمر بذلك، وهو على سبيل الإباحة، أو الإرشاد، والاستحباب، وذكر العراقيّ في "شرح الترمذيّ" أنه روي بوجهين: أحدهما: هذا، والثاني بكسر اللام، ونصب الفعل عطفًا على قوله: "لتكتفئ"، ويتعيّن مع هذه الرواية الثانية أن يكون الكلام في الأجنبية، تسأل طلاق الزوجة. انتهى (٢).

(فَإِنَّمَا لَهَا مَا كَتَبَ اللهُ لَهَا") يعني أنه لا ينالها من الرزق سوى ما قَدّر الله لها، ولو طَلَّق الزوج من تظن أنها تزاحمها في رزقها، قال الله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: ٥١]، قال ابن عبد البرّ: وهذا الحديث من أحسن أحاديث القدر عند أهل العلم والسنة، وفيه أن المرء لا يناله إلا ما قُدِّر له، قال الله - عز وجل -: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا}، والأمر في


(١) "الفتح" ١١/ ٥٠٠ - ٥٠٣.
(٢) "طرح التثريب" ٧/ ٣٩.