ينبغي لامرأة أن تشترط طلاق أختها"، ولفظ رواية أبي حازم عن أبي هريرة عند البخاريّ: "وأن تشترط المرأة طلاق أختها"، وجرى على ذلك المحبّ الطبريّ في "أحكامه"، فأورد الحديث في ذكر ما نُهي فيه من الشروط، بلفظ: "نُهِي أن تشترط المرأة طلاق أختها"، لكنه عزاه لـ "الصحيحين"، وليس هو عند مسلم بهذا اللفظ.
وقال ابن عبد البر في "التمهيد": فقه هذا الحديث أنه لا يجوز لامرأة، ولا لوليها أن تشترط في عقد نكاحها طلاق غيرها، ولهذا الحديث وشبهه استدَلَّ جماعة من العلماء بأن شرط المرأة على الرجل عند عقد نكاحها أنها إنما تنكحه على أن كل من يتزوجها عليها من النساء فهي طالق، شرط باطلٌ، وعقد نكاحهما على ذلك فاسدٌ، يُفسخ قبل الدخول؛ لأنه شرط فاسد دخل في الصداق المستحلّ به الفرج، ففسد؛ لأنه طابق النهي، ومن أهل العلم من يرى الشرط باطلًا، والنكاح صحيحًا، وهو المختار، وعليه أكثر علماء الحجاز، وهم مع ذلك يكرهون عقد النكاح عليها، وحجتهم هذا الحديث، وما كان مثله، وقصة بريرة - رضي الله عنها - تقتضي جواز العقد، وبطلان الشرط، وهو أولى ما اعتُمِد عليه في هذا الباب، ومن أراد أن يصح له هذا الشرط المكروه عند أصحابنا عقده بيمين، فيلزمه الحنث في تلك اليمين بالطلاق، أو بما حلف عليه، وليس من أفعال الأبرار، ولا من مناكح السلف استباحة النكاح بالأيمان المكروهة، ثم روي عن عليّ - رضي الله عنه - أنه قال: شرطُ الله قبل شرطها، قال: ومنهم من يرى أن الشرط صحيح؛ لحديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - مرفوعًا: "إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم به الفروج"، وهذا حديث، وإن كان صحيحًا فان معناه - والله أعلم - أحق الشروط أن يوفى به من الشروط الجائزة. انتهى.
وكلام ابن حزم أيضًا يوافق ما ذكرته، من حمل الحديث على الشرط، فإنه بعد أن قرَّر بطلان النكاح بالشرط، استدَلّ برواية البخاريّ التي لفظها: "لا يحل"، ثم قال: فمن اشترط ما نَهَى عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو شرط باطل، وإن عُقد عليه نكاح فالنكاح باطلٌ. انتهى (١).