للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

انطوى على الأمرين معًا: أن البدل هنا ليس شيئًا غير العقد، ولا العقد شيئًا غير البدل، فهو إذا فسد مهرًا فسد عقدًا، وإذا أبطلته الشريعة، فإنما أفسدته على الجهة التي كانوا يوقعونه، وكانوا يوقعونه مهرًا وعقدًا، فوجب أن يفسدا معًا. انتهى (١).

وقال الحافظ وليّ الدين: فهذه ثلاثة أقوال على تفسير الشغار بالرفع، قال الرافعيّ: وفي بعض الشروح أن الكلب إذا كان يبول حيث يصل من غير مبالاة، قيل: شغر الكلب برجله، فسُمي شغارًا؛ لعدم المبالاة فيه بالمهر، وقال ابن عبد البرّ: للشغار في اللغة معنى لا مدخل لذكره هنا، وذلك أنه مأخوذ عندهم من شغر الكلب: إذا رفع رجله ليبول، وذلك زعموا ألا يكون منه إلا بعد مفارقة حال الصغر على حال يمكن فيها طلب الوثوب على الأنثى للنسل، وهو عندهم للكلب إذا فعله علامة بلوغه إلى حال الاحتلام من الرجال، ولا يرفع رجله للبول إلا وهو قل بلغ ذلك المبلغ، يقال منه: شغر الكلب إذا رفع رجله، فبال، أم لم يبُل، ويقال: شَغَرتُ المرأةَ أشغرها شَغْرًا: إذا رفعت رجلها للنكاح. انتهى.

ثم قال النوويّ، وقيل: هو من شَغَر البلد، إذا خلا؛ لخلوّه عن الصداق. انتهى. قال الرافعيّ: ويقال: لخلوّه عن بعض الشروط، وقال صاحب "النهاية" بعد كلامه المتقدّم: وقيل: الشغر البعد، وقيل: الاتساع. انتهى.

فهذه ثلاثة أقوال غير ما تقدّم، وهي الخلوّ، والبعد، والاتساع، وعبّر القاضمي عياض في "المشارق" بقوله: وقيل: من رَفْع الصداق فيه، وبُعْده منه. انتهى، وهذا يقتضي رجوع البعد إلى المعنى المشهور، وهو الرفع، والله أعلم. انتهى كلام وليّ الدين - رحمه الله - (٢).

(وَالشِّغَارُ) هذا التفسير مدرج من قول نافع، كما سيأتي تحقيقه قريبًا، إن شاء الله تعالى، وهو مبتدأ، خبره قوله: (أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ ابْنَتَهُ) ليس ذكر البنت قيدًا في هذا، بل غيرها من الأخوات، والعمات،


(١) "معالم السنن" ٣/ ٢٠ - ٢١.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٧/ ٢٨ - ٢٩.