و"الصغرى"(٦/ ١٨٩) و"المعرفة"(٥/ ٣٣٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): قال الحافظ وليّ الدين - رحمه الله -: ظاهر الحديث أن تفسير الشغار من تَتِمّة المرفوع، وقد أخرجه الشيخان، وغيرهما من طريق عبيد الله بن عمر، وفيه:"قلت لنافع: ما الشغار؟ قال: يَنكِح ابنة الرجل، ويُنكِحه ابنته بغير صداق، وينكح أخت الرجل، ويُنكحه أخته بغير صداق".
فيكون مدرجًا في رواية مالك، وقال الشافعيّ - رحمه الله -: لا أدري تفسير الشغار في الحديث من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو من ابن عمر، أو من نافع، أو من مالك؟، حكاه عنه البيهقيّ في "المعرفة"، وقال الرافعيّ: قال الأئمة: وهذا التفسير يجوز أن يكون مرفوعًا، ويجوز أن يكون من عند ابن عمر. انتهى (١).
وقال في "الفتح": قال ابن عبد البرّ: ذَكَرَ تفسير الشغار جميعُ رواة مالك عنه. انتهى، قال الحافظ: ولا يَرِدُ على إطلاقه أن أبا داود، أخرجه عن القعنبيّ، فلم يذكر التفسير، وكذا أخرجه الترمذيّ من طريق مَعْن بن عيسى؛ لأنهما اختصرا ذلك في تصنيفهما، وإلا فقد أخرجه النسائيّ من طريق معن بالتفسير، وكذا أخرجه الخطيب في "المدرج" من طريق القعنبيّ.
نعم، اختَلَفَ الرواة عن مالك فيمن يُنسب إليه تفسير الشغار، فالأكثر لم ينسبوه لأحد، ولهذا قال الشافعيّ فيما حكاه في "المعرفة": لا أدري التفسير عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أو عن ابن عمر، أو عن نافع، أو عن مالك، ونسبه مُحْرِز بن عون، وغيره لمالك، قال الخطيب: تفسير الشغار ليس من كلام النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وإنما هو قول مالك وُصل بالمتن المرفوع، وقد بيّن ذلك ابن مهديّ، والقعنبيّ، ومُحْرِز بن عون، ثم ساقه كذلك عنهم، ورواية مُحرز بن عون عند الإسماعيليّ، والدارقطنيّ في "الموطّآت"، وأخرجه الدارقطنيّ أيضًا من طريق خالد بن مخلد، عن مالك، قال: سمعت أن الشغار أن يتزوّج الرجل إلخ، وهذا دالّ على أن التفسير من منقوله لا من مقوله، ووقع عند البخاريّ في "ترك الحيل" من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع في هذا الحديث تفسير الشغار من قول نافع، ولفظه:"قال عبيد الله بن عمر: قلت لنافع: ما الشغار؟ فذكره"، فلعلّ مالكًا أيضًا نقله عن نافع.