للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هو نحو مِمَّا روي من حديث معاذ: أنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل من الأنصار شهد إملاكه، فقال: "على الأُلفة والخير والطائر الميمون" (١)، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لابن عوف: "بارك الله لك" (٢)، وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "بارك الله لكم وعليكم" (٣)، قال: وهذه أدعية، والدُّعاء كلُّه حسن، غير أن الدُّعاء بما دعا به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أولى، ولذلك كره بعضهم قول العرب: بالرفاء والبنين. انتهى (٤).

(وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ) الطائر: الحظُّ، يُطلَق على الحظّ من الخير والشر، والمراد هنا: على أفضل حظّ وبركة (٥).

وقال في "المشارق": قوله: "على الخير والبركة، وعلى خير طائر": دعاءٌ بالسعادة، وأصل استعمالها من تفاؤل العرب بالطير، وقد يكون المراد بالطائر هنا: القَسْم والنصيب أيضًا. انتهى (٦).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وقولهن: "على خير طائر"، وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "وعلى الطائر الميمون"؛ على جهة التفاؤل الحسن، والكلام الطيب، وليس هذا من قبيل الطِّيَرة المنهي عنها؛ التي قال فيها - صلى الله عليه وسلم -: "لا طِيَرة، وخيرها الفأل"، وقد ذكرنا أصل هذه اللفظة، وحكمها في كتاب الإيمان. انتهى.

(فَأَسْلَمَتْنِي) أي دفعتني أمي (إِلَيْهِنَّ) أي إلى نسوة الأنصار (فَغَسَلْنَ رَأْسِي، وَأَصْلَحْنَنِي) أي جهّزنني للدخول على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بصفة العروس؛ لأن ذلك يُحبّبها إليه، ولأنه يتضمن إعلان النكاح، ولأنهن يؤانسنها، ويؤدبنها، ويُعلِّمنها آدابها حال الزفاف، وحال لقائها الزوج.

(فَلَمْ يَرُعْنِي) بضمّ الراء، وسكون العين: أي لم يفاجأني، ويأتيني بغتةً، وقال القرطبيّ: أي لم يُفْزِعني، والرَّوع: الفَزَع، وهو مستعملٌ في كلِّ أمر يطرأ على الإنسان فَجْأَةً، من خير أو شرٍّ، فيرتاع لفَجْأته. انتهى (٧).


(١) رواه البيهقيّ في "الكبرى" ٧/ ٢٨٨، وراجع: "مجمع الزوائد" ٤/ ٢٩٠.
(٢) متّفقٌ عليه.
(٣) رواه أبو داود (٢١٣٠)، والترمذيّ (١٠٩١).
(٤) "المفهم" ٤/ ١٢٢.
(٥) "شرح النوويّ" ٩/ ٢٠٧.
(٦) "مشارق الأنوار" ١/ ٣٢٤.
(٧) "المفهم" ٤/ ١٢٣.