وقال في "الفتح": قولها: "فلم يَرُعني" بضم الراء، وسكون العين: أي لم يُفزعني شيءٌ إلا دخوله عليّ، وكَنَتْ بذلك عن المفاجأة بالدخول على غير عالم بذلك، فإنه يُفْزِع غالبًا.
ورَوَى أحمد من وجه آخر هذه القصة مُطوَّلة:"قالت عائشة: قدِمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فدخل بيتنا، فجاءت بي أمي، وأنا في أُرجوحة، ولي جُميمة، ففرقتها، ومسحت وجهي بشيء من ماء، ثم أقبلت بي تقودني حتى وقفت بي عند الباب، حتى سكن نَفَسي. . . الحديث (١)، وفيه: "فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على سريره، وعنده رجال ونساء من الأنصار، فأجلستني في حجره، ثم قالت: هؤلاء أهلك يا رسول الله، بارك الله لك فيهم، فوثب الرجال والنساء، وبنى بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتنا، وأنا يومئذ بنت تسع سنين".
(إِلَّا وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ضُحًى) أي في وقت الضحى (فَأَسْلَمْنَنِي إِلَيْهِ) فيه جواز الزفاف، والدخول بالعروس نهارًا، وهو جائز ليلًا ونهارًا، واحتجّ به البخاريّ في الدخول نهارًا، وترجم عليه بابًا، فقال: "باب البناء بالنهار"، وأورد حديث الباب مختصرًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة - رضي الله عنها - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٣٤٧٩ و ٣٤٨٠ و ٣٤٨١ و ٣٤٨٢](١٤٢٢)، و (البخاريّ) في "مناقب الأنصار" (٣٨٩٦) و"النكاح" (٥١٣٣ و ٥١٣٤ و ٥١٥٨)، و (أبو داود) في "النكاح" (٢١٢١) و"الأدب" (٤٩٣٣ و ٤٣٥) والنسائيّ) في "النكاح" (٣٢٥٦ و ٣٢٥٧ و ٣٢٥٨ و ٣٢٥٩ و ٣٣٧٨ و ٣٣٧٩ و ٣٣٨٠) وفي "الكبرى" (٥٣٦٥ و ٥٣٦٦ و ٥٣٦٧ و ٥٣٦٨ و ٥٣٦٩ و ٥٥٦٩
(١) تقدّم ذكر حديث أحمد في الهامش بتمامه في هذا الباب، فتنبّه.