للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

في الواجب، وقاعدة النكاح - وإن كان معاوضةً - مفارقةٌ لقاعدة البيوع، من حيث إنها مبنيّةٌ على المكارمة، والمواصلة، وإظهار الرغبات، والعمل على مكارم الأخلاق، بحيث يجوز فيها النكاح من غير ذكر صداق، وتجوز فيها ضروبٌ من الجهالات والأحكامِ، لا يجوز شيء منها في البيوع، والمعاملات المبنيّة على المشاحّة، والمغابنة، ومن هنا جاز عقد النكاح على امرأة لا يُعرف حالها من جمال، وشباب، وحسن خُلُقٍ، وتمام خَلْقٍ، وهذه وإن كانت مجهولةً حالة العقد، لم يضرّ الجهل بها؛ إذ لم يلتفت الشرع إليه في هذا الباب، فالأمر بالنظر إلى المخطوبة أحرى بأن لا يكون واجبًا، فلم يبقَ إلا أن يحمل ذلك الأمر على ما تقدّم، وبهذا قال جمهور الفقهاء: مالكٌ، والشافعيّ، والكوفيّون، وغيرهم، وأهل الظاهر، وقد كره ذلك قومٌ، لا مبالاة بقولهم؛ للأحاديث الصحيحة في هذا الباب. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١).

(قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا) الظاهر أن هذا النظر بعد أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - له بالنظر بقوله: "اذهب، فانظر إليها"، فذهب، فجاء، فأخبره بأنه نظر إليها (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا؟! قَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ) بفتح الهمزة، وفي نسخة: "أواقيّ" بياء مشدّدة، وهي: جمع أوقيّة، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: و"الأوقيةُ" بضم الهمزة، وبالتشديد، وهي عند العرب: أربعون درهمًا (٢)، وهي في تقدير أُفْعُولةٍ، كالأُعجوبة، والأُحدوثة، والجمع: الأواقي، بالتشديد، وبالتخفيف؛ للتخفيف، وقال ثعلب في باب المضموم أوله: وهي الأُوقِيّة، والْوُقيّةُ لغة، وهي بضم الواو، هكذا هي مضبوطة في كتاب ابن السِّكِّيت، وقال الأزهريّ: قال الليث: الْوُقِيَّة: سبعة مثاقيل، وهي مضبوطة بالضم أيضًا، قال الْمُطَرِّزِيّ: وهكذا هي


= قال الجامع عفا الله عنه: هذا الإسناد رجاله ثقات، والأكثرون على أن واقدًا هو ابن عمرو، وهو ثقةٌ من رجال مسلم، وأما واقد بن عبد الرحمن فمجهول، فالحديث عندي صحيح، والله تعالى أعلم.
(١) "المفهم" ٤/ ١٢٥ - ١٢٦.
(٢) وقدّر بالمعيار المعاصر بـ (١٤٧) غرامًا، راجع ما كتبه الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسّام - رحمه الله - في كتابه: "توضيح المرام" ٤/ ٤٧١.