للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مضبوطة في "شرح السنة" في عِدَّة مواضع، وجرى على ألسنة الناس بالفتح، وهي لغة، حكاها بعضهم، وجمعها: وَقَايَا، مثلُ عَطِيّة وعَطَايَا. انتهى (١).

(فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -) مستكثرًا كون المهر أربع أواقٍ، ومنكرًا له: ("عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ؟) أي أتزوّجتها على أربع أواقٍ؟ (كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ) - بكسر الحاء المهملة -: أي تقطعون (الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ) الْعُرْض - بضم العين المهملة، فسكون الراء -: هو الجانب والناحية.

ومعنى هذا الكلام: كراهية إكثار المهر بالنسبة إلى حال الزوج.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: وهذا الإنكار منه - صلى الله عليه وسلم - على هذا الرجل المتزوّج على أربعة أواق ليس إنكارًا لأجل المغالاة، والإكثار في المهر، فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد أصدق نساءه خمسمائة درهم، وأربعةُ أواق مائة وستّون درهمًا، وإنما أنكر بالنسبة إلى حال الرجل، فإنه كان فقيرًا في تلك الحال، فأدخل نفسه في مشقّة تَعَرَّضَ للسؤال بسببها، ولذلك قال له: "ما عندنا ما نعطيك"، ثم إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بكريم أخلاقه، ورأفته، ورحمته جبر منكسر قلبه بقوله: "ولكن عسى أن نبعثك في بعث، فتُصيب منه". يعني سريّةً في الغزو، فبعثه، فأصاب حاجته ببركة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. انتهى.

(مَا) نافية، أي ليس (عِنْدَنَا مَا) موصولة، أي الذي (نُعْطِيكَ) يعني أنه ليس عنده مال يُساعده به على المهر المذكور (وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ) بفتح، فسكون: أي جيش، تسميةً بالمصدر؛ إذ البعث مصدر بعث، من باب نفع، والجمع: بُعوثٌ (تُصِيبُ مِنْهُ") أي تنال من ذلك البعث ما تدفعه مهرًا لامرأتك (قَالَ) أبو هريرة - رضي الله عنه - (فَبَعَثَ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ) بفتح العين المهملة، وسكون الموحّدة قبيلة مشهورة، والظاهر أنه أراد: عبس بن بَغِيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان بن مُضر بن نِزار بن مَعَدّ بن عدنان، قاله في "اللباب" (٢).

(بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ) أي في أولئك الجيش،

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦٦٩ - ٦٧٠.
(٢) "اللباب في تهذيب الأنساب" ٢/ ٩٨.