للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"ولكن تُمَلِّكيني أمرك، قالت: نعم، فنظر في وجوه القوم، فدعا رجلًا، فقال: إني أريد أن أزوّجكِ هذا، إن رضيتِ، قالت: ما رضيتَ لي، فقد رضيتُ"، وهذا إن كانت القصّة متّحدةً يَحْتَمِل أن يكون وقع نظره في وجوه القوم بعد أن سأله الرجل أن يزوّجها له، فاسترضاها أوّلًا، ثم تكلّم معه في الصداق، وإن كانت القصّة متعدّدة، فلا إشكال.

ووقع في حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - في "فوائد أبي عمر ابن حيويه" أن رجلًا قال: إن هذه امرأةٌ رضيت بي، فزوّجها مني، قال: فما مهرها؟، قال: ما عندي شيء، قال: أمهرها ما قلّ أو كثر، قال: والذي بعثك بالحقّ ما أملك شيئًا"، وهذه الأظهرُ فيها التعدّد، قاله في "الفتح" (١).

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - للرجل ("اذْهَبْ إِلَى أَهْلِكَ، فَانْظُرْ هَلْ تَجِدُ شَيْئًا؟ ") يكون صداقًا لها (فَذَهَبَ) الرجل (ثُمَّ رَجَعَ، فَقَالَ: لَا وَاللهِ) أي لم أجد شيئًا، فيكون قوله: (مَا وَجَدْتُ شَيْئًا) مؤكّدًا لما قبله (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "انْظُرْ) أي ارجع إلى بيتك، فانظر فيه (وَلَوْ خَاتِمًا مِنْ حَدِيدٍ") "خاتمًا" منصوب بـ "كان" المحذوفة مع اسمها، أي ولو كان المنظور خاتمًا، وحذف "كان" مع اسمها بعد "لو"، و"إن" الشرطيّة كثيرٌ، كما قال في "الخلاصة":

وَيَحْذِفُونَهَا وَيُبْقُونَ الْخَبَرْ … وَبَعْدَ "إِنْ" وَ"لَوْ" كَثِيرًا ذَا اشْتَهَرْ

ووقع في نسخة شرح النوويّ بلفظ: "ولو خاتمٌ من حديد" برفع "خاتم قال النوويّ: هكذا هو في النسخ: "خاتمٌ من حديد وفي بعض النسخ: "خاتمًا"، وهذا واضح، والأول صحيح أيضًا، أي ولو حضر خاتم من حديد. انتهى (٢).

و"لو" هنا تقليليّة، قال عياض: ووَهِمَ من زعم خلاف ذلك، وقد أشار إلى ذلك السيوطيّ - رحمه الله - في "الكوكب الساطع نظم جمع الجوامع"، حيث قال عند ذكر معاني "لو":

وَقِلَّةٍ كَخَبَرِ الْمُصدَّقِ … تَصَدَّقُوا وَلَوْ بِظِلْفٍ مُحْرَقِ

ووقع في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - "قال: قم إلى النساء، فقام إليهنّ، فلم


(١) "الفتح" ١١/ ٤٨١.
(٢) "شرح النوويّ" ٩/ ٢١٣.