جدًّا، وأيضًا فلخصمه أن يعكس، ويدّعي أن العقد وقع بلفظ التمليك، ثم قال: زوّجتكها بالتمليك السابق، قال: ثم إنه لم يتعرّض لرواية: "أمكنّاكها" مع ثبوتها، وكلّ هذا يقتضي تعيّن المصير إلى الترجيح. انتهى.
وأشار ببعض المتأخّرين إلى النوويّ، فإنه كذلك قال في "شرح مسلم". وقد قال ابن التين: لا يجوز أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عقد بلفظ التمليك والتزويج معًا في وقت واحد، فليس أحد اللفظين بأولى من الآخر، فسقط الاحتجاج به، هذا على تقدير تساوي الروايتين، فكيف مع الترجيح؟، قال: ومن زعم أن معمرًا وَهِمَ فيه وَرَدَ عليه أن البخاريّ أخرجه في غير موضع من رواية غير معمر، مثل معمر. انتهى.
وزعم ابن الجوزيّ في "التحقيق" أن رواية أبي غسّان: "أنكحتكها" ورواية الباقين: "زوّجتكها"، إلا ثلاثة أنفس، وهم معمرٌ، ويعقوب، وابن أبي حازم، قال: ومعمرٌ كثير الغلط، والآخران لم يكونا حافظين. انتهى.
قال الحافظ: وقد غلط في رواية أبي غسّان، فإنها بلفظ:"أمكنّاكها" في جميع نُسخ البخاريّ. نعم، وقعت بلفظ:"زوّجتكها" عند الإسماعيليّ من طريق حسين بن محمد، عن أبي غسّان، والبخاريّ أخرجه عن سعيد بن أبي مريم، عن أبي غسّان بلفظ:"أمكناكها". وقد أخرجه أبو نعيم في "المستخرج" من طريق يحيى بن عثمان بن صالح، عن سعيد شيخ البخاريّ فيه بلفظ:"أنكحتكها"، فهذه ثلاثة ألفاظ عن أبي غسّان، ورواية:"أنكحتكها" في البخاريّ لابن عُيينة كما حرّرته.
وما ذكره من الطعن في الثلاثة مردود، ولا سيما عبد العزيز، فإن روايته تترجّح بكون الحديث عن أبيه، وآل المرء أعرف بحديثه من غيرهم. نعم، الذي تحرّر مما قدّمته أن الذين رووه بلفظ التزويج أكثر عددًا ممن رواه بغير لفظ التزويج، ولا سيّما، وفيهم من الحفّاظ مثل مالك، ورواية سفيان بن عيينة:"أنكحتكها" مساويةٌ لروايتهم، ومثلها روايةُ زائدة. وعدّ ابن الجوزيّ فيمن رواه بلفظ التزويج: حمّاد بن زيد، وروايته بهذا اللفظ في "فضائل القرآن"، وأما في "النكاح" فبلفظ: "ملّكتكها".