للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن الأرجح في هذه المسألة كون الفخذ عورةً؛ لحديث جرهد، فإنه نصّ صريح في ذلك، وأما حديث أنس - رضي الله عنه -، وإن كان أقوى صحّة، كما قال البخاريّ: "حديث أنس أسند، وحديث جرهد أحوط"، إلا أن الأولى هو الأخذ بحديث جرهد. والله تعالى أعلم.

(فَلَمَّا دَخَلَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (الْقَرْيَةَ)؛ يعني: خيبر، وهذا مشعر بأن ذلك الزقاق كان خارج القرية (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("اللهُ أَكْبَرُ، خَرِبَتْ خَيْبَرُ) في رواية للبخاريّ: فرفع يديه، وقال: "الله أكبر خربت خيبر قال السهيليّ: يؤخذ من هذا الحديث التفاؤل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما رأى آلات الهدم - مع أن لفظ الْمِسْحاة من سَحَوتُ: إذا قشرتَ - أخذ منه أن مدينتهم ستخرب. انتهى.

ويَحْتَمِل أن يكون قال: "خربت خيبر" بطريق الوحي، ويؤيّده قوله بعد ذلك: "إنا إذا نزلنا. . . إلخ". قاله في "الفتح".

وقال العينيّ: قوله: "خربت خيبر": أي: صارت خرابًا، وهل ذلك على سبيل الخبرية، فيكون ذلك من باب الإخبار بالغيب، أو يكون ذلك على جهة الدعاء عليهم، أو على جهة التفاؤل لَمّا رآهم خرجوا بمساحيهم، ومكاتلهم، وذلك من آلات الحراث، والهدم؟ ويجوز أن يكون أخذًا من اسمها، وقيل: إن الله تعالى أعلمه بذلك. انتهى (١).

وقال النوويّ: فيه دليل لاستحباب الذكر، والتكبير عند الحرب، وهو موافق لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} الآية [الأنفال: ٤٥]، ولهذا قالها ثلاث مرات، ويؤخذ منه أن الثلاث كثير.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خربت خيبر" فذكروا فيه وجهين: أحدهما: أنه دعاء، تقديره: أسأل الله خرابها، والثاني: أنه إخبار بخرابها على الكفار، وفتحها للمسلمين. انتهى (٢).

(إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ) قال الجوهريّ: ساحة الدار: ناحيتها، والجمع ساحات، وسُوحٌ، وساحٌ أيضًا، مثل بَدَنة وبُدْن، وخَشَبة وخشب، قال


(١) "عمدة القاري" ٤/ ٨٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٩/ ٢١٩.