للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التي هنا صريحة في الاحتمال الثاني، فإن لفظها "آخر ثلاث تطليقات"، فدلّ على أنه لم يجمعها لها دفعةً واحدةً، واعتبر ابن عبد البرّ لفظ الرواية التي سقناها من "الموطّإ"، فاستدلّ به على جواز جمع الطلاقات الثلاث، ثم قال: ويَحْتَمِل أن يكون طلاقه ذلك آخر ثلاث طلقات، ولكن الظاهر لا يُخرَج عنه إلا ببيان. انتهى.

قال وليّ الدّين: وقد عرفت أن هذا الاحتمال هو صريح لفظ الرواية التي نحن في شرحها.

واعتبر القرطبيّ لفظة: "فبتّ طلاقها"، وقال: ظاهره أنه قال لها: أنت طالقٌ البتّة، فيكون حجةً لمالك على أن البتّةَ محمولةٌ على الثلاث في المدخول بها، ويَحتمل أن يريد به آخر ثلاث تطليقات، كما جاء في الرواية الأخرى: "أن رجلًا طلّق امرأته ثلاثًا"، وجاز أن يُعبّر عنها بالبتَات؛ لأن الثلاث قطعت جميع الْعُلَق، والطلاق. انتهى (١).

قال وليّ الدين: وكلّ ذلك ذهول عن قوله في هذه الرواية: "فطلّقها آخر

ثلاث تطليقات". انتهى.

وقال الحافظ في "الفتح" - بعد ما ذكر نحو ما ذكره القرطبيّ عن مالك، من أن البتّة محمولة على ثلاث تطليقات - ما نصّه: وهو عَجَبٌ ممن استدلّ به، فإن البتّ بمعنى القطع، والمراد به قطع العصمة، وهو أعمّ من أن يكون بالثلاث مجموعةً، أو بوقوع الثالثة التي هي آخر ثلاث تطليقات، وقد جاء في رواية البخاريّ في "اللباس" مصرّحًا به أنه طلّقها آخر ثلاث تطليقات، فبطل الاحتجاج به. انتهى (٢).

(فتَزَوَّجْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزَّبِيرِ) قال النوويّ - رحمه الله -: بفتح الزاي، وكسر الموحّدة بلا خلاف، وهو الزَّبير بن باطاء، ويقال: باطياء، وكان عبد الرحمن صحابيًّا، والزَّبِيرُ قُتل يهوديًّا في غزوة بني قُريظة.

وهذا الذي ذكرنا من أن عبد الرحمن بن الزَّبِير بن باطاء القرظيّ هو الذي تزوّج امرأة رفاعة القُرظيّ هو الذي ذكره أبو عمر بن عبد البرّ، والمحقّقون،


(١) "المفهم" ٤/ ٢٣٤.
(٢) "الفتح" ١٠/ ٥٨٧.