للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأكثر: إن شُرط ذلك في العقد فسد، وإلا فلا (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في اشتراط وطء الزوج الثاني للمطلّقة ثلاثًا:

ذهب الجمهور من الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم إلى أن المطلّقة ثلاثًا لا تحلّ لمطلّقها حتى تنكح زوجًا غيره، ويطأها، ثم يفارقها، وتنقضي عدّتها، فأما مجرّد عقده عليها، فلا يُبيحها للأول.

وخالف في ذلك سعيد بن المسيّب، فقال: إذا عقد الثاني عليها، ثم فارقها، حلّت للأوّل، ولا يُشترط وطء الثاني؛ لقول الله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} الآية [البقرة: ٢٣٠]، والنكاح حقيقة في العقد على الصحيح.

وأجاب الجمهور بأن هذا الحديث مخصّص لعموم الآية، ومبيّنٌ للمراد بها، قال النوويّ: قال العلماء: ولعلّ سعيدًا لم يبلغه هذا الحديث، قال القاضي عياض: لم يقل أحد بقول سعيد في هذا إلا طائفةٌ من الخوارج.

وقال في "الفتح": قال جمهور العلماء: ذوق العُسيلة كناية عن المجامعة، وهو تغييب حشفة الرجل في فرج المرأة، وزاد الحسن البصريّ: حصول الإنزال، وهذا الشرط انفرد به عن الجماعة، قاله ابن المنذر، وآخرون، وقال ابن بطّال: شذّ الحسن في هذا، وخالفه سائر الفقهاء، وقالوا: يكفي من ذلك ما يوجب الحدّ، ويحصّن الشخص، ويوجب كمال الصداق، ويُفسد الحجّ والصوم، وهو في التشديد يقابل قول سعيد بن المسيّب في الرخصة.

ويردّ قول الحسن أن الإنزال لو كان شرطًا لكان كافيًا، وليس كذلك؛ لأن كلًّا منهما إذا كان بعيد العهد بالجماع مثلًا أنزل قبل تمام الإيلاج، وإذا أنزل كلّ منهما قبل تمام الإيلاج لم يذق عسيلة صاحبه، لا إن فُسّرت العسيلة بالإمناء، ولا بلذّة الجماع.

قال ابن المنذر: أجمع العلماء على اشتراط الجماع لتحلّ للأوّل، إلا


(١) "الفتح" ١٢/ ٢٠٢.