للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نفس الفعل، ولا يتجه عليها اللوم إلا إذا بدأت هي بالْهَجْر، فغضب هو لذلك، أو هجرها، وهي ظالمة، فلم تتنصل من ذنبها، وهِجْرتِهِ، أما لو بدأ هو بهجرها ظالِمًا لها، فلا.

(فِرَاشَ زَوْجِهَا) منصوب على المفعوليّة لـ "هاجرةً" (لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ) قال ابن أبي جمرة: هل الملائكة التي تلعنها هم الحفظة، أو غيرهم؟ يَحْتَمِل الأمرين.

وقال الحافظ: يَحْتَمِل أن يكون بعض الملائكة موكلًا بذلك، قال: ويرشد إلى التعميم قوله في رواية مسلم يعني الآتية: "الذي في السماء"، إن كان المراد به سُكانها.

(حَتَّى تُصْبِحَ") قال النوويّ - رحمه الله -: معنى الحديث أن اللعنة تستمر عليها، حتى تزول المعصية بطلوع الفجر، والاستغناء عنها، أو بتوبتها، ورجوعها إلى الفراش. انتهى (١).

وفي رواية خالد بن الحارث عن شعبة بلفظ: "حتى ترجع"، وهي أكثر فائدةً، والأُولى محمولة على الغالب، كما تقدم، وللطبرانيّ من حديث ابن عمر رفعه: "اثنان لا تجاوز صلاتهما رءوسهما: عبدٌ آبقٌ، وامرأة غَضِب زوجها، حتى ترجع"، وصححه الحاكم.

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا دليلٌ على تحريم امتناع المرأة على زوجها إذا أرادها، ولا خلاف فيه، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: ٢٢٨]، والمرأة في ذلك بخلاف الرجل، فلو دعت المرأة زوجها إلى ذلك لم يجب عليه إجابتها، إلا أن يقصد بالامتناع مضارّتها، فيَحرُم عليه ذلك، والفرق بينهما أن الرجل هو الذي ابتغى بماله، فهو المالك للبُضع، والدرجة التي له عليها هي السلطة التي له بسبب مُلْكه، وأيضًا فقد لا ينشط الرجل في وقت تدعوه، فلا ينتشر، ولا يتهيّأ له ذلك، بخلاف المرأة. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ٨.
(٢) "المفهم" ٤/ ١٦٠ - ١٦١.