حازم: أرى أن المرأة التي أرضعت عائشة امرأة أخي الذي استأذن عليها، قال الحافظ: وهذا بيّنٌ في الحديث الثاني، لا يحتاج إلى ظنّ، ولا هو مشكلٌ، إنما المشكل كونها سألت عن الأول، ثم توقّفت في الثاني.
وقد أجاب عنه القرطبيّ، قال: هما سؤالان، وقعا مرّتين في زمنين عن رجلين، وتكرّر منها ذلك، إما لأنها نسيت القصّة الأولى، وإما لأنها جوّزت تغيّر الحكم، فأعادت السؤال. انتهى، وتمامه أن يقال: السؤال الأول كان قبل الوقوع، والثاني بعد الوقوع، فلا استبعاد في تجويز ما ذكر من نسيان، أو تجويز النسخ.
ويؤخذ من كلام عياض جواب آخر، وهو أن أحد العمّين كان أعلى، والآخر أدنى، أو أحدهما كان شقيقًا، والآخر لأب فقط، أو لأم فقط، أو أرضعتها زوجة أخيه بعد موته، والآخر في حياته.
وقال ابن المرابط: حديث عمّ حفصة قبل حديث عمّ عائشة، وهما متعارضان في الظاهر، لا في المعنى؛ لأن عمّ حفصة أرضعته المرأة مع عمر، فالرضاعة فيهما من قِبَل المرأة، وعمّ عائشة إنما هو من قِبَل الفحل، كانت امرأة أبي القعيس أرضعتها، فجاء أخوه يستأذن عليها، فأبت، فأخبرها الشارع أن لبن الفحل يُحّرم، كما يُحرّم من قبل المرأة. انتهى.
فكأنه جوّز أن يكون عمّ عائشة الذي سألت عنه في قصّة عمّ حفصة كان نظير عمّ حفصة في ذلك، فلذلك سألت ثانيًا في قصّة أبي القعيس، وهذا إن كان وجده منقولًا، فلا مَحِيد عنه، وإلا فهو محملٌ حسنٌ. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله - (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
(لِعَمِّهَا) تقدَّم البحث في معنى هذه اللام آنفًا (مِنَ الرَّضَاعَةِ، دَخَلَ عَلَيَّ؟) جواب "لو" (قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ، إِنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ") أي وتبيح ما تبيحه، وهو بالإجماع فيما يتعلّق بتحريم النكاح وتوابعه، وانتشار الحرمة بين الرضيع، وأولاد المرضعة، وتنزيلهم منزلة الأقارب في جواز