للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

انقطاعًا؛ لأن أبا الخليل لم يسمع من أبي سعيد الخدريّ - رضي الله عنه -، فقد نصّ في "تهذيب التهذيب" أنه أرسل عن أبي قتادة، وأبي موسى، وأبي سعيد، وسفينة مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (١)، وقد نصّ الحافظ المزّيّ: في "تهذيب الكمال" (٢) على أن روايته عن هؤلاء مرسلة، ولذا جعله في "التقريب" من الطبقة السادسة، أي التي لم تلق صحابيًّا أصلًا، فالصواب إثبات أبي علقمة بين أبي الخليل، وأبي سعيد، كما سبق في كلام القاضي عياض، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

(عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) - رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ حُنَيْنٍ) متعلّقٌ بـ (بَعَثَ جَيْشًا) أي جُندًا، أو هم السائرون لحرب، أو غيرها، قاله المجد (٣)، جمعه جُيُوشٌ (إِلَى أَوْطَاسٍ) قال النوويّ - رحمه الله -: "أوطاس": موضع عند الطائف، يُصرَف، ولا يُصرف. انتهى، وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: "أوطاس" من النوادر التي جاءت بلفظ الجمع للواحد، وهو وَادٍ في ديار هَوَازن، جَنُوبيّ مكة، بنحو ثلاث مَراحل، وكانت وقعتها بعد فتح مكة بنحو شهر. انتهى (٤).

(فَلَقُوا) بضم القاف، وأصله لَقِيُوا بكسرها، من باب تَعِبَ، فلما استُثقلت الضمة على الياء نُقلت إلى القاف بعد سلب كسرتها، ثم حُذفت الياء لالتقاء الساكنين، فصار لَقُوا بفتح اللام، وضمّ القاف (عَدُوًّا) وهم هوازن، (فَقَاتَلُوهُمْ، فَظَهَرُوا عَلَيْهِمْ) أي غلبوهم، وانتصروا عليهم (وَأَصَابُوا لَهُمْ سَبَايَا) بفتح السين المهملة، جمع سَبيّة، مثل عطيّة وعَطَايا، وهي فَعِيلة بمعنى مفعولة، أي مسبيّة، زاد في رواية النسائيّ: "لَهُنَّ أَزْوَاج فِي الْمُشْرِكِينَ" أي الذين قاتلوهم، وانتصروا عليهم (فَكَأَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - تَحَرَّجُوا) أي تجنّبوا الحرَج، وهو الإثم، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: حَرِج صدرُهُ حَرَجًا، من باب تَعِبَ: ضاق، وحَرِجَ الرجلُ: أثِمَ، وصدرٌ حَرِجٌ ضَيِّقٌ، ورجلٌ حَرِجٌ آثمٌ، وتحرّج الإنسان تحرُّجًا، هذا مما ورد لفظه مُخالفًا لمعناه، والمراد: فعل فعلًا جانب به الْحَرَجَ، كما يقال: تحنّث إذا فعل ما يخرُج به عن الحنث، قال ابن الأعرابيّ: للعرب أفعالٌ تخالف معانيها ألفاظَها، قالوا: تحرّج، وتحنّث،


(١) "تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٠٠.
(٢) "تهذيب الكمال" ١٣/ ٩٠.
(٣) "القاموس" ٢/ ٢٦٦.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٦٦٣.