استرقّوهم، ووطئوا سباياهم، وبهذا قال مالك، والشافعيّ في قوله الصحيح الجديد، وجمهور العلماء، وقال أبو حنيفة، والشافعيّ في قوله القديم: لا يَجري عليهم الرّقّ؛ لشرفهم.
٦ - (ومنها): أن فيه دلالةً أيضًا لمذهب من أجاز وطء المشركة بملك اليمين، وإن لم تكنْ من أهل الكتاب، وسيأتي تمام البحث فيه في المسألة التالية - إن شاء الله تعالى -.
٧ - (ومنها): أن المراد بعدّة المسبيّات تحقّق براءة رحمهنّ، وذلك بوضع حملها، إن كانت حاملًا، وبحيضة إن كانت غير حامل.
٨ - (ومنها): أنه لا يجوز وطء حامل مسبيّة حتى تضع، فقد تقدّم للمصنّف حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، أنه أَتَى بامرأة مُجِحٍّ على باب فُسطاط، فقال:"لعله يُريد أن يُلِمَّ بها؟ "، فقالوا: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لقد هممت أن ألعنه، لعنًا يدخل معه قبره، كيف يُوَرِّثُهُ، وهو لا يحل له؟، كيف يستخدمه، وهو لا يحل له؟ "، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم وطء المسبيّة المشركة بملك اليمين:
قال النوويّ - رحمه الله -: واعلم أن مذهب الشافعيّ، ومن قال بقوله من العلماء أن المسبيّة من عَبَدة الأوثان، وغيرهم من الكفّار الذين لا كتاب لهم، لا يحلّ وطؤها بملك اليمين، حتى تُسلم، فما دامت على دينها، فهي محرّمة، وهؤلاء المسبيّات كُنّ من مشركي العرب عبدة الأوثان، فيؤوّل هذا الحديث، وشبهه على أنهنّ أسلمن، وهذا التأويل لا بدّ منه، والله أعلم انتهى (١).
وقال الشوكانيّ - رحمه الله - ما حاصله: ظاهر الحديث أنه لا يشترط في جواز وطء المسبيّة الإسلام، ولو كان شرطًا لبيّنه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يُبيّنه، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وذلك وقتها، ولا سيّما وفي المسلمين في يوم حنين وغيره من هو حديث عهد بالإسلام، يخفى عليهم مثل هذا الحكم، وتجويز