للأخ أن يستلحق، لكن بشرط أن يكون حائزًا للإرث، أو يوافقه باقي الورثة، وإمكان كونه من المذكور، وأن يوافق على ذلك، إن كان بالغًا عاقلًا، وأن لا يكون معروف الأب.
وتُعُقّب بأن زمعة كان له ورثة غير عبد.
وأجيب بأنه لم يخلُف وارثًا غيره، إلا سودة، فإن كان زمعة مات كافرًا، فلم يرثه إلا عبدٌ وحده، وعلى تقدير أن يكون أسلم، وورثته سودة، فيَحْتَمِل أن تكون وكّلت أخاها في ذلك، أو ادّعت أيضًا.
وذهب مالك - رحمه الله -، وطائفة إلى أنّ الاستلحاق خاصّ بالأب، وأجابوا عن هذا الحديث بان الإلحاق لم ينحصر في استلحاق عبد؛ لاحتمال أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - اطّلع على ذلك بوجه من الوجوه، كاعتراف زمعة بالوطء، ولأنه إنما حكم بالفراش؛ لأنه قال - بعد قوله:"هو لك" -: "الولد للفراش"؛ لأنه لمّا أبطل الشرع إلحاق هذا الولد بالزاني لم يبق صاحبَ الفراش.
وجرى المُزَنيّ على القول بأن الإلحاق يختصّ بالأب، فقال: أجمعوا على أنه لا يُقبل إقرار أحد على غيره، والذي عندي في قصّة عبد بن زمعة أنه - صلى الله عليه وسلم - أجاب عن المسألة، فأعلمهم أن الحكم كذا بشرط أن يدّعي صاحب الفراش، لا أنه قَبِلَ دعوى سعد عن أخيه عتبة، ولا دعوى عبد بن زمعة عن زمعة، بل عرّفهم أن الحكم في مثلها يكون كذلك، قال: ولذلك قال: "احتجبي منه يا سودة".
وتُعُقّب بأن قوله لعبد بن زمعة:"هو أخوك" يدفع هذا التأويل (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن ما ذهب إليه الشافعيّة وجماعة، من أن الاستلحاق يجوز للأخ هو الراجح؛ عملًا بظاهر حديث الباب، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): استُدلّ بهذا الحديث على أن الأمة تصير فراشًا بالوطء، فإذا اعترف السيّد بوطء أمته، أو ثبت ذلك بأيّ طريق كان، ثم أتت بولد لمدّة الإمكان بعد الوطء لحقه من غير استلحاق، كما في الزوجة، لكن