الزوجة تصير فراشًا بمجرّد العقد، فلا يُشترط في الاستلحاق إلا الإمكان؛ لأنها تراد للوطء، فجعل العقد عليها كالوطء، بخلاف الأمة، فإنها تراد لمنافع أخرى، فاشتُرط في حقّها الوطء، ومن ثَمّ يجوز الجمع بين الأختين بالمُلك، دون الوطء، وهذا قول الجمهور.
وعن الحنفيّة لا تصير الأمة فراشًا إلا إذا ولدت من السيّد ولدًا، ولحق به، فمهما ولدت بعد ذلك لحقه إلا أن ينفيه.
وعن الحنابلة: من اعترف بالوطء، فأتت منه لمدّة الإمكان لحقه، وإن ولدت منه أوّلًا، فاستلحقه لم يلحقه ما بعده إلا بإقرار مستأنف على الراجح عندهم.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ترجيح المذهب الأول - كما قال الحافظ - ظاهرٌ؛ لأنه لم يُنقل أنه كان لزمعة من هذه الأمة ولد آخر، والكلّ متّفقون على أنها لا تصير فراشًا إلا بالوطء، قال النوويّ: وطء زمعة أمته المذكورة عُلم، إما ببيّنة، وإما باطلاع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ذلك.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: وحديث ابن الزبير - رضي الله عنهما - عند النسائيّ، بلفظ:"كانت لزمعة جارية يطؤها" يشعر بأن ذلك كان مشهورًا عندهم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السادسة): استُدلّ بالحديث على أن السبب لا يُخْرَج، ولو قلنا: إن العبرة بعموم اللفظ، ونقل الغزاليّ تبعًا لشيخه، والآمديّ، ومن تبعه عن الشافعيّ قولًا بخصوص السبب؛ تمسّكًا بما نُقل عن الشافعيّ أنه ناظر بعض الحنفيّة، لما قال: إن أبا حنيفة خصّ الفراش بالزوجة، وأخرج الأمة من عموم:"الولد للفراش"، فردّ عليه الشافعيّ بأن هذا ورد على سبب خاصّ.
وردّ الفخر الرازيّ على من قال بأن مراد الشافعيّ أن خصوص السبب لا يُخْرَج، والخبر إنما ورد في حقّ الأمة، فلا يجوز إخراجه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): اتفق أهل العلم على أن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الولد للفراش" يعمّ الزوجة أيضًا؛ أخذًا بعموم اللفظ، كما تقدّم، لكن بشرط الإمكان، فلو نكح مشرقيّ مغربيّةً، ولم يُفارق واحد منهما وطنه، ثم أتت بولد لستة أشهر،