للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نعم لا يمكن حمل الخبر على كلّ واطئ، بل المراد من له الاختصاص بالوطء، كالزوج، والسيّد، ومن ثمّ قال ابن دقيق العيد: معنى "الولد للفراش": تابع للفراش، أو محكوم به للفراش، أو ما يقارب هذا.

وقد شنّع بعضهم على الحنفيّة بأن من لازم مذهبهم إخراج السبب مع المبالغة في العمل بالعموم في الأحوال.

وأجاب بعضهم بأنه خصّص الظاهر القويّ بالقياس، وقد عُرف من قاعدته تقديم القياس في مواضع على خبر الواحد، وهذا منها. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه الجمهور من أنه لا بدّ لثبوت النسب من الإمكان زمانًا ومكانًا هو الصواب عندي؛ لوضوح متمسّكه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثامنة): قال المازريّ - رحمه الله -: يتعلّق بهذا الحديث استلحاق الأخ لأخيه، وهو صحيح عند الشافعيّ، إذا لم يكن له وارث سواه، وقد تعلّق أصحابه بهذا الحديث لأنه لم يرد أن زمعة ادّعاه ولدًا، ولا اعترف بوطء أمه، فكان المعوّل في هذه القصّة على استلحاق عبد بن زمعة، قال: وعندنا - يعني المالكيّة - لا يصحّ استلحاق الأخ، ولا حجة في هذا الحديث؛ لأنه يمكن أن يكون ثبت عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن زمعة كان يطأ أمته، فألحق الولد به؛ لأن من ثبت وطؤه لا يحتاج إلى الاعتراف بالوطء، وإنما يصعب هذا على العراقيين، ويعسر عليهم الانفصال عما قاله الشافعيّ؛ لما قرّرناه أنه لم يكن لزمعة ولدٌ من الأمة المذكورة سابقٌ، ومجرّد الوطء لا عبرة به عندهم، فيلزمهم تسليم ما قال الشافعيّ، قال: ولَمّا ضاق عليهم الأمر، قالوا: الرواية في هذا الحديث: "هو لك عبد بن زمعة"، وحُذف حرف النداء بين عبد وابن زمعة، والأصل: يا ابن زمعة، قالوا: والمراد أن الولد لا يلحق بزمعة، بل هو عبد لولده؛ لأنه وارثه، وأمر سودة بالاحتجاب منه؛ لأنها لم ترث زمعة؛ لأنه مات كافرًا، وهي مسلمةٌ، قال: وهذه الرواية التي ذكروها غير صحيحة، ولو وردت لرددناها إلى الرواية المشهورة، وقلنا: بل المحذوف حرف النداء بين "لك"، و"عبد"، كقوله


(١) "الفتح" ١٥/ ٤٧٠.