للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعالى، حكاية عن صاحب يوسف - عليه السلام -، حيث قال: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} الآية [يوسف: ٢٩]. انتهى.

وسلك الطحاويّ فيه مسلكًا آخر، فقال: معنى قوله: "هو لك" أي يدك عليه، لا أنك تملكه، ولكن تمنع غيرك منه إلى أن يتبيّن أمره، كما قال لصاحب اللُّقطة: "هي لك"، وقال له: "إذا جاء صاحبها فأدّها إليه"، قال: ولما كانت سودة شريكة لعبد في ذلك، لكن لم يعلم منها تصديق ذلك، ولا الدعوى به، ألزم عبدًا بما أقرّ به على نفسه، ولم يجعل ذلك عليها، فأمَرَها بالاحتجاب.

وكلامه هذا كلّه متعقّبٌ بالرواية الثانية المصرّح فيها بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أخوك"، فإنها رفعت الإشكال، وكأنه لم يقف عليها، ولا على حديث ابن الزبير وسودة الدّالّ على أن سودة وافقت أخاها عبدًا في الدعوى بذلك، قاله في "الفتح" (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة التاسعة): أنه قد استدلّت الحنفيّة بهذا الحديث على أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يلحقه بزمعة؛ لأنه لو ألحقه به لكان أخا سودة، والأخ لا يؤمر بالاحتجاب منه.

وأجاب الجمهور بأن الأمر بذلك كان للاحتياط؛ لأنه وإن حكم بأنه أخوها؛ لقوله في الطرق الصحيحة: "هو أخوك يا عبد"، وإذا ثبت أنه أخو عبد لأبيه، فهو أخو سودة لأبيها، لكن لما رأى الشبه بيّنًا بعتبة أمرها بالاحتجاب منه احتياطًا، وأشار الخطّابيّ إلى أن في ذلك مزيّة لأمهات المؤمنين؛ لأن لهنّ في ذلك ما ليس لغيرهنّ، قال: والشبه يُعتبر في بعض المواطن، لكن لا يُقضى به، إذا وُجد ما هو أقوى منه، وهو كما يُحكم في الحادثة بالقياس، ثم يوجد فيها نصّ، فيُترك القياس، قال: وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث، وليس بثابت: "احتجبي منه، يا سودة، فإنه ليس لك بأخ"، وتبعه النوويّ، فقال: هذه الزيادة باطلة مردودة.

وتُعُقّب بأنها وقعت في حديث عبد الله بن الزبير، عند النسائيّ، بسند


(١) "الفتح" ١٥/ ٤٧١.