للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَكُنَّ يَجْتَمِعْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي بَيْتِ الَّتِي يَأْتِيهَا) أي في بيت صاحبة النوبة، قال القرطبيّ - رحمه الله -: فيه حجة في أن الزوج لا يأتي غير صاحبة القسم، فأما اجتماعهنّ عند صاحبة القسم في بعض الأوقات فباختيارهنّ، ومن حقّ صاحبة القسم أن تمنعهنّ إن شاءت. انتهى (١).

(فَكَانَ) - صلى الله عليه وسلم - (فِي بَيْتِ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - (فَجَاءَتْ زَيْنَبُ) بنت جحش - رضي الله عنها - (فَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا) أي ظنًّا منه أنها عائشة (فَقَالَتْ: هَذِهِ زَيْنَبُ) أي قالت عائشة: هذه التي مددت يدك إليها هي زينب.

قال النوويّ - رحمه الله -: وأما مدّ يده - صلى الله عليه وسلم - إلى زينب، وقول عائشة: هذه زينب، فقيل: إنه لم يكن عمدًا، بل ظنها عائشة صاحبةَ النوبة؛ لأنه كان في الليل، وليس في البيوت مصابيح، وقيل: كان مثل هذا برضاهنّ. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: كان هذا في الوقت الذي لم يكن في البيوت مصابيح، وإنما مدّه يده إليها يظنّها عائشة، وفيه ما يدلّ على صحة ما ذكرناه من أنه لا يجوز للزوج الاستمتاع بالواحدة في وقت الأخرى، فأما ما أخرجه البخاريّ، وأبو داود من حديث عائشة - رضي الله عنها - من أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف بعد العصر على نسائه، فيدنو منهنّ من غير مسيس، فقد قيل: إن ذلك كان إذ لم يكن القَسْم عليه واجبًا، ويَحْتَمِل أن يقال: كان ذلك برضا أزواجه. انتهى (٣).

(فَكَفَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ، فَتَقَاوَلَتَا) أي تراجعتا القول من أجل الغيرة، وقال في "المشارق": "فتقاولتا" أي تشاجرتا، وقالت كل واحدة منهما قولًا أغلظت فيه. انتهى (٤).

(حَتَّى اسْتَخَبَتَا) بخاء معجمة، ثم باء موحّدة مفتوحتين، ثم تاء مثناة فوقُ، من السَّخَب، وهو اختلاط الأصوات، وارتفاعها، ويقال أيضًا: صَخَبَ بالصاد، قال النوويّ: هكذا هو في معظم الأصول، وكذا نقله القاضي عن رواية الجمهور، وفي بعض النسخ: "استخبثتا" بثاء مثلثة، أي قالتا الكلام الرديء، وفي بعضها: "استحيتا"، من الاستحياء، ونقل القاضي عن رواية


(١) "المفهم" ٤/ ٢٠٦.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ٤٧.
(٣) "المفهم" ٤/ ٢٠٦.
(٤) "مشارق الأنوار" ٢/ ١٩٤.