للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعضهم: "استحثتا"، بمثلثة، ثم مثناة، قال: ومعناه إن لم يكن تصحيفًا: أن كل واحدة حَثَتْ في وجه الأخرى التراب. انتهى (١).

وقال في "المشارق": "حتى استحثتا" كذا رواه السمرقنديّ، كأنه حَثَت كل واحدة منهما في وجه الأخرى التراب، والمعروف والصواب رواية الجماعة: "حتى استخَبَتا": افتعلتا من السَّخَب، وهو ارتفاع الأصوات، واختلاط الكلام، يقال بالسين والصاد، قال: ويصححه، قول أبي بكر - رضي الله عنه - للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "احْثُ يا رسول الله في أفواههن التراب"، فإنما أنكر عليهما كثرة الكلام، والمقاولة، وارتفاع الصوت. انتهى (٢).

(وَأُقِيمَت الصَّلَاةُ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا يدلّ على أن تلك الحالة الواقعة لهم كانت قريب الفجر، وأنهما دامتا على المقاولة إلى أن أقيمت صلاة الصبح، قال: وليس في مدّ يده - صلى الله عليه وسلم - إلى زينب دليلٌ على أن اللمس لا ينقض الوضوء، كما زعمه بعضهم؛ إذ لم يُنقل أنه كان منه لمسٌ على غير حائل، ولا أنه كان توضّأ قبل ذلك، فلعلّه بعد ذلك توضّأ. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم بيان الخلاف في مسألة نقض الوضوء بلمس المرأة في "كتاب الطهارة"، مع ترجيح القول بعدم النقض؛ لقوة حججه، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

(فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق - رضي الله عنه - (عَلَى ذَلِكَ) أي على المذكور من تقاولهما، واستخابهما (فَسَمِعَ أَصْوَاتَهُمَا، فَقَالَ: اخْرُجْ يَا رَسُولَ اللهِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَاحْثُ) بضمّ الثاء المثلّثة، وكسرها، يقال: حثا الرجل الترابَ يَحثوه حَثْوًا، من باب غزا، وحَثَاه يَحثيه حَثْيًا، من باب رمى: إذا هاله بيده، وبعضهم يقول: قبضه بيده، ثم رماه، أفاده الفيّوميّ (٣). (فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ) أي مبالغة في الردع والزجر لهنّ عن رفع أصواتهنّ على صوت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وترك احترامه، و"الترابَ" منصوب على المفعوليّة لـ "احثُ" (فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: الْآنَ يَقْضِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاتَهُ، فَيَجِيءُ أَبُو بَكْرٍ، فَيَفْعَلُ بِي، وَيَفْعَلُ) أي يفعل بي


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ٤٧ - ٤٨.
(٢) "مشارق الأنوار" ١/ ١٨٠ - ١٨١.
(٣) راجع: "المصباح المنير" ١/ ١٢١.