للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان جواز هبة المرأة نوبتها لضَرّتها، قال النوويّ - رحمه الله -: فيه جواز هبتها نوبتها لضرّتها؛ لأنه حقها، لكن يشترط رضا الزوج بذلك؛ لأن له حقًّا في الواهبة، فلا يفوته إلا برضاه، ولا يجوز أن تأخذ على هذه الهبة عوضًا، ويجوز أن تَهَب للزوج، فيجعل الزوج نوبتها لمن شاء، وقيل: يلزمه توزيعها على الباقيات، ويجعل الواهبة كالمعدومة، والأول أصحّ، وللواهبة الرجوع متى شاءت، فترجع في المستقبل دون الماضي؛ لأن الهبات يُرجَع فيما لم يُقْبَض منها دون المقبوض. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قال العلماء: إذا وهبت يومها لضرتها قَسَم الزوج لها يوم ضرتها، فإن كان تاليًا ليومها فذاك، وإلا لم يُقَدِّمه عن رتبته في الْقَسْم إلا برضا من بقي، وقالوا: إذا وهبت المرأة يومها لضرتها، فإن قَبِل الزوج لم يكن للموهوبة أن تمتنع، وإن لم يَقْبَل لم يُكْرَه على ذلك، وإذا وهبت يومها لزوجها، ولم تتعرض للضرّة، فهل له أن يخص واحدة إن كان عنده أكثر من اثنتين، أو يوزعه بين من بقي؟ وللواهبة في جميع الأحوال الرجوع عن ذلك متى أحبّت، لكن فيما يُستقبَل، لا فيما مضى، وأطلق ابن بطال أنه لم يكن لسودة الرجوع في يومها الذي وهبته لعائشة - رضي الله عنها -. انتهى (٢).

٢ - (ومنها): ما قاله القرطبيّ - رحمه الله -: فيه دليلٌ على أن الْقَسْم حقّ للزوجة ذات الضرائر، وأنه يجوز لا بذله لغيرها بعوض، وغير عوض إذا رَضِي الزوج (٣)، ويشهد لهذا كلّه قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} الآية [النساء: ١٢٨]، وفي هذه القصّة نزلت هذه الآية على ما قيل، لكن عند مالك لها الرجوع في مثل هذا إذا شاءت؛ لأنها حقوقٌ متجدّدة آنًا فآنًا، فلكل متجدّد حكمه، بخلاف


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ٤٨.
(٢) "الفتح" ١١/ ٦٥٥.
(٣) الظاهر أن هذا مذهب المالكيّة، وتقدّم عن النوويّ أنه لا يجوز لها أن تأخذ عوضًا، والذي يظهر لي أن الأول هو الأرجح، لأنه دليل على منع العوض، فتأمل، والله تعالى أعلم.