قوله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة: ٢٢٩] عن المحقق القاضي أبي الوليد الباجيّ، والقاضي عبد الوهاب، وإلكيا الطبريّ.
قال الشيخ - رحمه الله -: ولا يخفى ما في هذا الجواب من التعسّف، وإن قال به بعض أجلّاء العلماء.
(الجواب الثالث): عن حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - هو القول بأنه منسوخ، وأن بعض الصحابة لم يطّلع على النسخ إلا في عهد عمر، فقد نَقَل البيهقيّ في "السنن الكبرى" في "باب من جعل الثلاث واحدةً" عن الإمام الشافعيّ - رحمه الله - ما نصه: قال الشافعيّ: فإن كان معنى قول ابن عباس أن الثلاث كانت تُحسب على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدةً، يعني أنه بأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فالذي يشبه - والله أعلم - أن يكون ابن عباس عَلِمَ أن كان شيئًا فنُسخ.
فإن قيل: فما دل على ما وصفت؟ قيل: لا يشبه أن يكون ابن عباس يروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا ثم يخالفه بشيء لم يعلمه، كان من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه خلاف، قال الشيخ (١): ورواية عكرمة، عن ابن عباس قد مضت في النسخ، وفيها تأكيد لصحة هذا التأويل، قال الشافعيّ: فإن قيل: فلعل هذا شيء رُوي عن عمر، فقال فيه ابن عباس بقول عمر - رضي الله عنه -، قيل: قد علمنا أن ابن عباس - رضي الله عنهما - يخالف عمر - رضي الله عنه - في نكاح المتعة، وفي بيع الدينار بالدينارين، وفي بيع أمهات الأولاد، وغيره، فكيف يوافقه في شيء يروي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه خلافه؟ انتهى محل الحاجة من البيهقي بلفظه.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" ما نصه: الجواب الثالث دعوى النسخ، فنقل البيهقيّ عن الشافعيّ أنه قال: يشبه أن يكون ابن عباس عَلِم شيئًا نَسَخ ذلك، قال البيهقيّ: ويقويه ما أخرجه أبو داود، من طريق يزيد النحويّ، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان الرجل إذا طلق امرأته، فهو أحقّ برجعتها، وإن طلقها ثلاثًا، فنُسخ ذلك، والترجمة التي ذكر تحتها أبو داود الحديث المذكور هي قوله:"باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث".
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} الآية [البقرة: ٢٢٩]