للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعد أن ساق حديث أبي داود المذكور آنفًا، ما نصه: ورواه النسائي عن زكريا بن يحيى، عن إسحاق بن إبراهيم، عن علي بن الحسين به.

وقال ابن أبي حاتم: حدّثنا هارون بن إسحاق، حدّثنا عبدة، يعني ابن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رجلًا قال لامرأته: لا أطلقك أبدًا، ولا آويك أبدًا، قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلق حتى إذا دنا أجلك راجعتك، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكرت له ذلك، فأنزل الله - عز وجل -: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: ٢٢٩]، قال: فاستقبل الناس الطلاق، مَن كان طلَّق، ومن لم يكن طلَّق.

وقد رواه أبو بكر بن مردويه، من طريق محمد بن سليمان، عن يعلى بن شبيب مولى الزبير، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، فذكره بنحو ما تقدم.

ورواه الترمذيّ عن قتيبة، عن يعلى بن شبيب به، ثم رواه عن أبي كُريب، عن ابن إدريس، عن هشام، عن أبيه مرسلًا، وقال: هذا أصحّ.

ورواه الحاكم في "مستدركه" من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، عن يعلى بن شبيب به، وقال: صحيح الإسناد.

ثم قال ابن مردويه: حدّثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدّثنا إسماعيل بن عبد الله، حدّثنا محمد بن حميد، حدّثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: لم يكن للطلاق وقت يطلِّق الرجل امرأته، ثم يراجعها ما لم تنقض العدة، وكان بين رجل من الأنصار وبين أهله بعض ما يكون بين الناس، فقال: والله لأتركنك، لا أَيِّمًا، ولا ذات زوج، فجعل يطلقها، حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها، ففعل ذلك مرارًا، فأنزل الله - عز وجل -: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، فوقّت الطلاق ثلاثًا لا رجعة فيه بعد الثالثة، حتى تنكح زوجًا غيره، وهكذا رُوي عن قتادة مرسلًا، ذكره السُّدّيّ، وابن زيد، وابن جرير كذلك، واختار أن هذا تفسير هذه الآية. انتهى من ابن كثير بلفظه.

وفي هذه الروايات دلالة واضحة لنسخ المراجعة بعد الثلاث، وإنكار المازريّ ادعاء النسخ مردود بما رده به الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"، فإنه لما نقل عن المازريّ إنكاره للنسخ من أوجه متعددة، قال بعده،