ابن عباس؟ وكيف خَفِي على أصحاب ابن عباس إلا طاوس. انتهى محل الغرض من كلام ابن العربيّ.
وقال ابن عبد البرّ: ورواية طاوس وَهَمٌ، وغَلَطٌ، لم يعرِّج عليها أحدٌ من فقهاء الأمصار بالحجاز، والشام، والعراق، والمشرق، والمغرب، وقد قيل: إن أبا الصهباء لا يُعرف في موالي ابن عباس.
قال الشيخ الشنقيطيّ - رحمه الله -: إن مثل هذا لا يُثبت به تضعيف هذا الحديث؛ لأن الأئمة كمعمر، وابن جريج، وغيرهما رووه عن ابن طاوس، وهو إمام، عن طاوس، عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، ورواه عن طاوس أيضًا إبرهيم بن ميسرة، وهو ثقةٌ حافظٌ، وانفراد الصحابيّ لا يضرّ، ولو لم يرو عنه أصلًا إلا واحدٌ، كما أشار إليه العراقي في "ألفيته" بقوله:
يعني أن الشيخين أخرجا حديث المسيِّب بن حَزْن، ولم يرو عنه أحد غير ابنه سعيد، وأخرج البخاريّ حديث عمرو بن تَغْلِب النمريّ، ويقال: العبديّ، ولم يرو عنه غير الحسن البصريّ، هذا مراده.
وقد ذكر ابن أبي حاتم أن عمرو بن تَغْلِب روى عنه أيضًا الحكم بن الأعرج، قاله ابن حجر، وابن عبد البرّ، وغيرهما.
والحاصل أن حديث طاوس ثابتٌ في "صحيح مسلم" بسند صحيح، وما كان كذلك، لا يمكن تضعيفه إلا بأمر واضح.
نعم لقائل أن يقول: إن خبر الآحاد إذا كانت الدواعي متوفرةً إلى نقله، ولم ينقله إلا واحد ونحوه، أن ذلك يدل على عدم صحته.
ووجهه أن توفّر الدواعي يلزم منه النقلُ تواترًا، والاشتهارُ، فإن لم يشتهر دلّ على أنه لم يقع؛ لأن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم، وهذه قاعدة مقرّرة في الأصول، أشار إليها في "مراقي السعود" بقوله، عاطفًا على ما يُحْكَم فيه بعدم صحة الخبر: