للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عُبيد بن عُمير، عن عائشة - رضي الله عنها -، وأما رواية أبي أسامة التي ذكر فيها أن المتظاهرات عليه عائشة، وسودة، وصفيّة، فليست بصحيحة؛ لأنها مخالفة للتلاوة، فإنها جاءت بلفظ خطاب الاثنتين، ولو كان كذلك لجاءت بخطاب جماعة المؤنّث، قال أبو محمد الأصيليّ: حديث الحجاج أصحُّ طرقِهِ، وهو أولى بظاهر الكتاب، وقال غيره: انقلبت الأسماء في حديث أبي أسامة، والله تعالى أعلم.

وقوله: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} أي: مالت عن الحقّ، وأراد قلب عائشة وحفصة، وعدل إلى لفظ الجمع؛ استثقالًا للجمع بين تثنيتين، وقد جمع بينهما من قال: ظهراهما مثل ظهور الترسين.

وقوله: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} أي: تعاونا عليه بما تواطأتما عليه في العسل، أو في مارية {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ} أي: وليّه، ومعينه، وكافيه، فلا يضرّه من كاده، أو من تعاون عليه، والوقف على {مَوْلَاهُ} حسنٌ، ويبتدئ {وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ} أي: بعد تولي الله له {ظَهِيرٌ} [التحريم: ٤] أي: معينون له على ما يصلحه، ويحفظه، ويوافقه، و {ظَهِيرٌ} وإن كان واحدًا، فمعناه الجمع، وقيل: كل واحد ظهير، كما قال تعالى: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [الحج: ٥]؛ أي: كلّ واحد منكم طفلًا، {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} أحسن ما قيل فيه: أبو بكر وعمر - رضي الله عنهما -، ومن جرى مجراهما، ممن سبق إسلامه، وظهر غَنَاؤه، وقيل: كان حقّ {وَصَالِحُ} أن يُكتب بالواو، ولكنهم حذفوها؛ ليوافق الخطّ اللفظ، ويَحْتَمل أن يقال: {وَصَالِحُ} ومفرد، لكنه سُلك به مسلك الجنس، والله تعالى أعلم.

ثم بالغ الله تعالى في تأديب أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وتهديدهنّ بقوله: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ} أي: منقادات بالإسلام، والاستسلام {مُؤْمِنَاتٍ} أي: مصدّقات بما جاء به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ملازمات أحوال المؤمنين به من التعظيم والاحترام {قَانِتَاتٍ} أي: خاضعات لله تعالى بالعبوديّة، ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - بإيثار الطواعية على الغيرة النفسيّة {عَابِدَاتٍ} أي: يَقُمْنَ لله بما له عليهنّ من العبادة، وبما لك عليهن من الحرمة والخدمة {سَائِحَاتٍ} قال ابن عباس: صائمات، وقال زيد بن أسلم: مهاجرات، من السياحة في الأرض،