للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأن هذا من حكم المرفوع. الثاني: قوله: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لها السكنى والنفقة".

ونحن نقول: قد أعاذ الله أمير المؤمنين من هذا الكلام الباطل الذي لا يصحّ عنه أبدًا. قال الإمام أحمد: لا يصحّ ذلك عن عمر. وقال أبو الحسن الدارقطنيّ: بل السنّة بيد فاطمة بنت قيس قطعًا، ومن له إلمامٌ بسنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشهد شهادة الله أنَّه لم يكن عند عمر - رضي الله عنه - سُنَّة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن للمطلّقة ثلاثًا السكنى والنفقة، وعمر كان أتقى لله، وأحرص على تبليغ سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تكون هذه السنّة عنده، ثمَّ لا يرويها أصلًا، ولا يبيّنها، ولا يبلّغها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وأما حديث حمّاد بن سلمة، عن حمّاد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن عمر - رضي الله عنه - سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لها السكنى والنفقة"، فنحن نشهد بالله شهادة نُسأل عنها إذا لقيناه أن هذا كذبٌ على عمر - رضي الله عنه -، وكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وينبغي أن لا يَحمِل الإنسانَ فرط الانتصار للمذاهب، والتعصّب لها على معارضة سنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة الصريحة بالكذب البحت، فلو يكون عند عمر - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لخَرِسَت فاطمة، وذووها، ولم ينسبوا بكلمة، ولا دعت فاطمة إلى المناظرة، ولا احتيج إلى ذكر إخراجها لبذاء لسانها، ولَمَا فات هذا الحديث أئمة الحديث، والمصنّفين في السنن، والأحكام، المنتصرين للسُّنَن فقط، لا لمذهب، ولا لرجل، هذا قبل أن نصل به إلى إبراهيم، ولو قُدّر وصولنا بالحديث إلى إبراهيم لانقطع نُخاعُهُ، فإن إبراهيم لم يولد إلا بعد موت عمر - رضي الله عنه - بسنين، فإن كان مخبر أخبر به إبراهيم، عن عمر - رضي الله عنه -، وحَسّنّا به الظنّ، وكان قد روي له قول عمر - رضي الله عنه - بالمعنى، وظنّ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو الذي حكم بثبوت النفقة والسكنى للمطلّقة، حتى قال عمر - رضي الله عنه -: لا ندع كتاب ربّنا لقول امرأة، فقد يكون الرجل صالحًا، ويكون مُغفّلًا، ليس تحمّل الحديث، وحفظه، وروايته من شأنه. وبالله التوفيق.

وقد تناظر في هذه المسألة ميمون بن مهران، وسعيد بن المسيّب، فذكر له ميمون خبر فاطمة، فقال سعيد: تلك امرأة فتنت الناس، فقال له ميمون؛ لئن كانت إنما أخذت بما أفتاها به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما فَتَنت الناسَ، وإن لنا في