الوضع من غير تفصيل، وتوقّف ابن دقيق العيد فيه من جهة أن الغالب في إطلاق وضع الحامل هو الحمل التامّ المتخلّق، وأما خروج المضغة، أو العلقة، فهو نادرٌ، والحمل على الغالب أقوي، ولهذا نُقل عن الشافعيّ قولٌ بأن العدّة لا تنقضي بوضع قطعة لحم، ليس فيها صورةٌ بيّنة، ولا خفيّة.
وأجيب عن الجمهور بأن المقصود في انقضاء العدّة براءة الرحم، وهو حاصلٌ بخروج المضغة، أو العلّقَة، بخلاف أم الولد، فإن المقصود منها الولادة، وما لا يصدق عليه أنه أصل آدميّ، لا يُقال فيه: ولدت، وسيأتي مزيد بسط في هذا في المسألة الخامسة - إن شاء الله تعالى -.
٨ - (ومنها): جواز تجمّل المرأة بعد انقضاء عدّتها لمن يخطبها؛ لقول أبي السنابل:"ما لي أراك متجمّلةً؟ "، وفي رواية ابن إسحاق:"فتهيّأت للنكاح، واختضبت"، وفي رواية معمر، عن الزهريّ، عند أحمد:"فلقيها أبو السنابل، وقد اكتحلت"، وفي رواية الأسود:"فتطيّبت، وتصنّعت".
٩ - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن المرأة لا يجب عليها الزَّواج؛ لقولها في الخبر من طريق الزهريّ:"وأمرني بالتزويج إن بدا لي".
١٠ - (ومنها): أن الثيّب لا تُزوّج إلَّا برضاها من ترضاه، ولا إجبار لأحد عليها، وقد تقدّم بيانه في بابه.
١١ - (ومنها): أنه استُدلّ بقولها: "فأفتاني بأني حللت حين وضعت حملي" على أنه يجوز العقد عليها إذا وَضَعت، ولو لَمْ تطهر من دم النفاس، وبه قال الجمهور، وإلى ذلك أشار ابن شهاب في آخر حديثه، حيث قال:"ولا أرى بأسًا أن تتزوّج حين وضعت، وإن كانت في دمها، غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهر".
وقال الشعبيّ، والحسن، والنخعيّ، وحماد بن سلمة: لا تنكح حتى تطهر.
قال القرطبيّ: وحديث سبيعة حجة عليهم، ولا حجة لهم في قوله في بعض طرقه:"فلما تعلّت من نفاسها"؛ لأن "تعلّت" وإن كان أصله طهرت من دم نفاسها، على ما حكاه الخليل، فيحتمل أن يكون المراد به هنا: تعلّت من آلام نفاسها؛ أي: استقلّت من أوجاعها، وتغييراته. ولو سُلّم أن معناه ما قاله