للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ - في "المفهم": أصل العوارض: الأسنان، وسُمِّيت الخدود عوارض؛ لأنَّها عليها، من باب تسمية الشيء باسم الشيء إذا جاوزه، أو كان منه بسبب، والعارضان هنا هما: الخدّان. انتهى (١).

وقال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "مست بعارضيها": هما جانبا الوجه، فوق الذَّقَن إلى ما دون الأذن، وإنما فَعَلت هذا؛ لدفع سورة الإحداد، وفي هذا الذي فعلته أم حبيبة، وزينب - رضي الله عنهما - مع الحديث المذكور دلالة لجواز الإحداد على غير الزوج ثلاثة أيام، فما دونها. انتهى (٢).

(ثُمَّ قَالَتْ) أمّ حبيبة - رضي الله عنها - (وَاللهِ مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ) "من" زائدة، وفي رواية: "حاجةٌ" (غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقَولُ عَلَى الْمِنْبَرِ) أي: حال كونه قائمًا على المنبر ("لَا يَحِلُّ) نفي بمعنى النهي، للتأكيد، واستُدلّ به على تحريم الإحداد على غير الزوج، وهو واضحٌ، وعلى وجوب الإحداد المدّةَ المذكورةَ على الزوج.

واستُشكل بأن الاستثناء وقع بعد النفي، فيدلّ على الحلّ فوق الثلاث على الزوج، لا على الوجوب.

وأجيب بأن الوجوب استُفيد من دليل آخر؛ كالإجماع.

ورُدّ بأن المنقول عن الحسن البصريّ أن الإحداد لا يجب، أخرجه ابن أبي شيبة، ونَقَلَ الخلّال بسنده عن أحمد، عن هُشيم، عن داود، عن الشعبيّ؛ أنه كان لا يعرف الإحداد.

قال أحمد: ما كان بالعراق أشدّ تبحّرًا من هذين - يعني الحسن والشعبيّ - قال: وخفي ذلك عليهما. انتهى.

ومخالفتهما لا تقدح في الاحتجاج، وإن كان فيها ردّ على من ادّعى الإجماع، وفي أثر الشعبيُّ تعقّبٌ على ابن المنذر، حيث نفى الخلاف في المسألة، إلَّا عن الحسن.


(١) "المفهم" ٤/ ٢٨٢ - ٢٨٣، و"شرح الزرقانيّ على الموطإ" ٣/ ٢٣٠ - ٢٣١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ١١٣.