للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال الطيبيّ: الاستثناء في قوله: "إلَّا على زوج" متّصل، إذا جعل قوله: "أربعة أشهر" منصوبًا بمقدّر، بيانًا لقوله: "فوق ثلاث "؛ أي: أعني، أو أذكر، فهو من باب قوله: "ما اخترت إلَّا منكم رفيقًا"؛ لكون ما بعد "إلَّا" شيئين، فيقدّم المفسّر، أعني"أربعة أشهر" على الاستثناء، تقديره: لا تحدّ المرأة على ميت فوق ثلاث، أعني أربعة أشهر، إلَّا على زوج، أو من قولك: ما ضرب أحدٌ أحدًا إلَّا زيدٌ عمرًا، وإذا جُعل معمولًا لـ "تحدّ" مضمرًا، كان منقطعًا، فالتقدير: لا تحدّ امرأة على ميت، فوق ثلاث، لكن تحدّ على زوج أربعة أشهر. انتهى (١).

قيل: الحكمة في كونه أربعة أشهر وعشرًا أن الولد يتكامل تخليقه، وتنفخ فيه الروح بعد مضيّ مائة وعشرين يومًا، وهي زيادة على أربعة أشهر بنقصان الأهلّة، فجُبر الكسر إلى العقد على طريق الاحتياط، وذَكَرَ العشر مؤنّثًا؛ لإرادة الليالي، والمراد مع أيامها عند الجمهور، فلا تحلّ حتى تدخل الليلة الحادية عشرة، وعن الأوزاعيّ، وبعض السلف: تنقضي بمضيّ الليالي العشر بعد مضيّ الأشهر، وتحلّ في أول اليوم العاشر.

واستُثنيت الحامل كما تقدّم شرح حالها في الكلام على حديث سُبيعة بنت الحارث الأسلميّة - رضي الله عنها -.

وقد ورد في حديث قويّ الإسناد، أخرجه أحمد، وصححه ابن حبّان، عن أسماء بنت عُميس - رضي الله عنها -، قالت: "دخل عليّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اليوم الثالث من قتل جعفر بن أبي طالب، فقال: لا تُحدّي بعد يومك هذا"، لفظ أحمد، وفي رواية له، ولابن حبّان، والطحاويّ: "لَمّا أُصيب جعفر أتانا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: تَسَلّبي ثلاثًا، ثم اصنعي ما شئت".

قال الحافظ العراقيّ في "شرح الترمذيّ": ظاهره أنه لا يجب الإحداد على المتوفّى عنها بعد اليوم الثالث؛ لأن أسماء بنت عُميس، كانت زوج جعفر بن أبي طالب بالاتفاق، وهي والدة أولاده: عبد الله، ومحمد، وعون، وغيرهم، قال: بل ظاهر النهي أن الإحداد لا يجوز.


(١) "شرح المشكاة" ٦/ ٣٦٥.